بالنسيان معناه الحقيقي نعم تجوز أبو شامة شيخ النووي فحمل النسيان في الاحاديث الواردة في ذم نسيان شئ من القرآن على ترك العمل به وتحقيق هذه المسئلة وان كون النسيان بالمعنى الأول كبيرة عند من قال به مشروط كما قال الجلال البلقيني والزركشي وغيرهما بما اذا كان عن تكاسل وتهاون يطلب من محله وكذا تحقيق حال الاحاديث الواردة في ذلك .
وقرأ حمزة والكسائي وخلف اعمى بالامالة في الموضعين لأنه من ذوات الياء وامال أبو عمرو في الأول فقط لكونه جديرا بالتغيير لكونه رأس الآية ومحل الوقف وكذلك أي ومثل ذلك الجزاء الموافق للجناية نجزى من اسرف بالانهماك في الشهوات ولم يؤمن بايات ربه بل كذبها واعرض عنها والمراد تشبية الجزاء العام بالجزاء الخاص ولعذاب الاخرة على الاطلاق أو عذاب النار اشد من عذاب الأولى وابقى .
127 .
- أي اكثر بقاء منه أو أشد وابقى من ذلك ومن عذاب القبر أو منهما ومن الحشر على العمى .
افلم يهد لهم كلام مستأنف مسوق لتقرير ما قبله من قوله تعالى وكذلك نجزى الآية والهمزة للانكار التوبيخي والفاء للعطف على مقدر يقتضية المقام واستعمال الهداية باللام إما لتنزيلها منزلة اللازم فلا حاجة إلى المفعول أو لانها بمعنى التبيين والمفعول الثاني محذوف وأياما كان فالفاعل ضميره تعالى وضمير لهم للمشركين المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلّم والمعنى اغفلوا فلم يفعل الله تعالى لهم الهداية أو فلم يبين D لهم العبر .
وقوله تعالى : كم اهلكنا قبلهم من القرون أما بيان بطريق الالتفات لتلك الهداية أو كالتفسير للمفعول المحذوف وقيل : فاعل يهد ضميره A وقيل : ضمير الأهلاك المفهوم من قوله تعالى : كم اهلكنا والجملة مفسره له وقيل : الفاعل محذوف أي النظر والأعتبار ونسب ذلك إلى المبرد وفيه حذف الفاعل وهو لايجوز عند البصريين وقال الزمخشري : الفاعل جملة كم اهلكنا الخ ووقوع الجملة فاعلا مذهب كوفي والجمهور على خلافه لكن رجح ذلك هنا بأن التعليل فيما بعد يقتضيه ورجح كون الفاعل ضميره تعالى شأنه لأنه قد قرأ فرقة منهم ابن عباس والسلمي افلم نهد بالنون واختار بعضهم عليه كون الفعل منزلا منزلة اللازم وجملة كم أهلكنا بيانا لتلك الهداية وبعض آخر كونه متعديا والمفعول مضمون الجملة أي أفلم يبين الله تعالى لهم مضمون هذا الكلام وقيل : الجملة سادة مسد المفعول والفعل معلق عنها وتعقب بأن كم هنا خبرية وهي لا تعلق عن العمل وإنما التي تعلق عنه كم الأستفهامية على ما نص عليه أبو حيان في البحر لكن انت تعلم أنه إذا كان مدار التعليق الصدارة كما هو الظاهر فقد صرح ابن هشام بأن لكل من كم الأستفهامية وكم الخبرية ما ذكر ورد في المغنى قول ابن عصفور : ان كم في الآية فاعل يهد بأن لها الصدر ثم قال : وقوله إن ذلك جاء على لغة رديئة حكاها الأخفش عن بعضهم أنه يقول ملكت كم عبيد فيخرجها عن الصدرية خطأ عظيم إذ خرج كلام الله تعالى شأنه على هذه اللغة انتهى وهو ظاهر في أنه قائل بأن كم هنا خبرية ولها الصدر نعم نقل الحوفي عن بعضهم أنه رد القائل بالفاعلية بانها استفهامية لا يعمل ما قبلها فيها والظاهر خبريتها وهي مفعول مقدم لأهلكنا و من القرون متعلق بمحذوف وقع صفة لمميزها أي كم قرن كائن من القرون يمشون في مساكنهم حال