على الأول بقوله تعالى بعضكم لبعض عدو لما أنهما أصل الذرية ومنشأ الاولاد فالتعادي في الحقيقة بين اولادهما وهذا على عكس مخاطبة اليهود ونسبة ما فعل إباؤهم اليهموالجملة في موضع الحال أي متعادين في أمر المعاش وشهوات الأنفس وعلى الثاني ظاهر لظهور العداوة بين آدم عليه السلام وابليس عليه اللعنة وكذا بين ذرية آدم عليه السلام وذرية اللعين ومن هنا قيل : الضمير لآدم وذريته وإبليس وذريته .
وزعم بعضهم أن لآدم وابليس والحية والمعول عليه الأول ويؤيده ذلك قوله تعالى فاما ياتينكم منى هدى الخ أي نبي ارسله اليكم وكتاب انزله عليكم فمن اتبع هذاى وضع الظاهر موضع المضمر مع الأضافة إلى ضميره تعالى لتشريفه والمبالغة في إيجاب اتباعه .
وأخرج الطبراني وغيره عن ابي الطفيل أن النبي صلى الله عليه وسلّم قرأ فمن اتبع هدى فلا يضل في الدنيا ولا يشقى .
123 .
- في الآخرة وفسر بعضهم الهدى بالقرإن لما أخرج ابن ابي شيبة وعبد بن حميد وابن ابي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الأيمان من طرق عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال : أجار الله تعالى تابع القرإن من أن يضل في الدنيا أو يشقى في الآخرة ثم قرأ الآية وأخرج جماعة عنه مرفوعا إلى رسول الله A بلفظ من اتبع كتاب الله هداه الله تعالى من الضلالة في الدنيا ووقاه سوء الحساب يوم القيامة ورجح على العموم بقيام القرينة عليه وهو قوله تعالى ومن اعرض عن ذكرى بناء على تفسير الذكر بالقرإن وكذا قوله تعالى بعد وكذلك اتتك إياتنا فنسيتها والمختار العموم أن يقول : الذكر يقع على القرإن وعلى سائر الكتب الالهية وكذا الآيات تكون بمعنى الادلة مطلقا وقد فسر الذكر أيضا هنا بالهدى لأنه سبب ذكره تعالى وعبادته سبحانه فاطلق المسبب واريد سببه لوقوعه في المقابلة وما في الخبر من باب التنصيص على حكم اشرف الأفراد المدلول عليه بالعموم اعتناء بشأنه ثم إن تقييد لا يضل بقولنا في الدنيا ولا يشقى بقولنا في الآخرة هو الذي يقتضيه الخبر .
وجوز بعضهم العكس أي فلا يضل طريق الجنة في الآخرة ولا يتعب في أمر المعيشة في الدنيا وجعل الأول في مقابلة ونحشره يوم القيامة اعمى والثاني في مقابلة فان له معيشة ضنكا ثم قال : وتقديم حال الآخرة على حال الدنيا في المهتدين لأن مطمح نظرهم أمر إخرتهم بخلاف خلافهم فان نظرهم مقصور على دنياهم ولا يخفى أن الذي نطقت به الآثار هو الأول وذكر بعضهم أنه المتبادر نعم ما ذكر لا يخلو عن حسن وإن قيل : فيه تكلف وجوز الأمام كون الأمرين في الآخرة وكونهما في الدنيا وذكر أن المراد على الاخير لا يضل في الدين ولا يشقى بسبب الدين لا مطلقا فان لحق المنعم بالهدى شقاء في الدنيا فبسبب إخر وذلك لا يضر اه والمعول عليه ما سمعت والمراد من الاعراض عن الذكر عدم الاتباع فكانه قيل : ومن لم يتبع فان له معيشة ضنكا أي ضيقة شديدة وهو مصدر ضنك وكذا ضناكة ولذا يوصف به المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والمجموع وقد وصف به هنا المؤنث باعتبار الأصل وقرأ الحسن ضنكى بالف التانيث ككرى وبالامالة وهذا التأنيث باعتبار تأويله بالوصف وعن ابن عباس تفسيره بالشديد من كل وجه وأنشد قول الشاعر :