مضمون الجملة الخبرية المنعقدة من اسمها وخبرها ولا يخفى أن مرجع خبريتها ما فيها من الحكم وإن مناطه الخبر لا الأسم فمدلول كل منهما تحقيق ثبوت خبرها لاسمها لا ثبوت اسمها في نفسه فاللازم من وقوع الجملة المصدرة بالمفتوحة اسما للمكسورة تحقيق ثبوت خبرها لتلك الجملة المؤوله للمصدر وأما تحقيق ثبوتها في نفسها فهو مدلول المفتوحة فلا يلزم اجتماع حر في التحقيق في مادة واحدة قطعا وإنما لم يجز أن يقال : ان أن زيدا قائم حق مع اختلاف المناط بل شرطوا الفصل بالخبر كقولنا : إن عندي أن زيدا قائم حق للتجافي عن صورة الأجتماع والواو العاطفة وان كانت نائبة عن المكسورة التي يمتنع دخولها عن المفتوحة بلا فصل وقائمة مقام في إفضاء معناها وإجراء أحكامها على مدخولها لكنها حيث لم تكن حرفا موضوعا للتحقيق لم يلزم من دخولها اجتماع حر في التحقيق اصلا فالمعنى إن لك عدم الجوع وعدم العرى وعدم الظمأ خلا أنه لم يقتصر على بيان أن الثابت له عدم الظمأ والضحو مطلقا كما فعل مثله في المعطوف عليه بل قصد بيان أن الثابت له تحقيق عدمهما فوضع موضع الحرف المصدري المحض أن المفيد له كأنه قيل : إن لك فيها عدم ظمئك على التحقيق انتهى .
ويحتاج عليه إلى بيان النكته في عدم الاقتصار على بيان أن الثابت له عدم الظمأ مطلقا كما فعل مثله في المعطوف عليه فتأمل ولا تغفل .
وقيل إن الواو وإن كانت نائبة عن أن هنا إلا أنه يلاحظ بعدها لك الموجود بعد أن التي نابت عنها فيكون هناك فاصل ولا يمتنع الدخول معه وهو كما ترى ولا يخفى عليك أن العطف على قراءة الكسر على أن الأولى مع معموليها لا على اسمها ولا كلام في ذلك فوسوس اليه الشيطان انها الوسوسة اليه وهي كما قال الراغب : الخطرة الرديئة واصلاها من الوسواس وهو صوت الحلى والهمس الخفي وقال الليث : الوسوسة حديث النفس والفعل وسوس بالبناء للفاعل ويقال : رجل موسوس بالكسر والفتح لحن .
وذكر غير واحد أن وسوس فعل لازم ماخوذ من الوسوسة وهي حكاية صوت كولولة الثكلى ووعوعة الذئب ووقوقة الدجاجة وإذا عدى بالي ضمن معنى الانهاء وإذا جئ باللام بعده نحو وسوس له فهى للبيان كما في هيت لك وقال الزمخشري : للاجل أي وسوس لاجله وكذا إذا كانت بعد نظائر هذا الفعل نحو قوله : اجرس لها يا ابن ابي كباش فما لها الليلة من انفاش وذكر في الأساس وسوس اليه في قسم الحقيقة وظاهره عدم اعتبار التضمين والكثير على اعتباره .
قال إما بدل من وسوس أو استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ منه كأنه قيل : فما قال له في وسوسته : فقيل : قال يا إدم هل ادلك على شجرة الخلد ناداه باسمه ليكون اقبل عليه وامكن للاستماع ثم عرض عليه ما عرض على سبيل الأستفهام الذي يشعر بالنصح ومعنى شجرة الخلد شجرة من اكل منها خلد ولم يمت اصلا سواء كان على حاله أو بأن يكون ملكا لقوله تعالى : الا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين .
وفي البحر أن ما حكى هنا مقدم على ما حكى في الأعراف من قوله تعالى : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الخ كان اللعين لما رأى منه عليه السلام نوع إصغاء إلى ما عرض عليه انتقل إلى الأخبار والحصر انتهى والحق