ومما يضحك الثكلى أن بعض المعاصرين سمع السؤال عن سر اقتران الأمر هنا بالفاء وعدم اقترانه بها في الآيات الأخر فقال : ما اجهل هذا السائل بما يجوز وما لايجوز من المسائل أما سمع قوله تعالى لايسئل عما يفعل أما درى أن معناه نهى من يريد السؤال عن أن يسأل وادل من هذا على جهل الرجل أنه دون ما قال ولم يبال بما قيل ويقال ونقلى لذلك من باب التمحيض وتذكيرمن سلم من مثل هذا الداء بما من الله تعالى عليه من الفضل الطويل العريض وأمر الفاء في قوله تعالى فيذرها ظاهر جدا والضمير إما للجبال باعتبار اجزائها السافلة الباقية بعد النسف وهي مقارها ومراكزها أي فنذر ما انبسط منها وساوى سطحه سطوح سائر اجزاء الأرض بعد نسف مانتأ منها ونشز وأما للارض المدلول عليها بقرينة الحال لانها باقية بعد نسف الجبال وعلى التقديرين يذر سبحانه الكل قاعا صفصفا .
106 .
- لأن الجبال إذا سويت وجعل سطحها مساويا لسطوح اجزاء الأرض فقد جعل الكل سطحا واحدا والقاع قيل : السهل وقال الجوهري : المستوى من الأرض ومنه قول ضرار بن الخطاب : لنكونن بالبطاح قريش فقعة القاع في اكف الاماء وقال ابن الأعرابي : الأرض الملساء لانبات فيها ولابناء وحكى مكى أنه المكان المنكشف وقيل : المستوى الصلب من الأرض وقيل مستنقع الماء وليس بمراد وجمعه أقوع وأقواع وقيعان والصفصف الأرض المستوية الملساء كان أجزاءه صف واحد من كل جهة وقيل : الأرض التي لانبات فيها وعن ابن عباس ومجاهد جعل القاع والصفصف بمعنى واحد وهو المستوى الذي لانبات فيه وانتصابقاعا على الحالية من الضمير المنصوب وهو مفعول ثان ليذر على تضمين معنى التصيير وصفصفا إما حال ثانية أو بدل من المفعول الثاني وقوله تعالى لاترى فيها أي مقار الجبال أو في الأرض على ما فصل عوجا ولا امتا .
107 .
- استئناف مبين كيفية ما سبق من القاع الصفصف أو حال اخرى أو صفة لقاع والرؤية بصرية والخطاب لكل من يتأتى منه وعلقت بالعوج وهو كسر العين ما لايدرك بفتحها بل بالبصيرةلان المراد به ماخفى من الأعوجاج حتى احتاج إلى إثباته إلى المساحة الهندسية المدركة بالعقل فألحق بما هو عقلى صرف فاطلق عليه ذلك لذلك وهذا بخلاف العوج بفتح العين فانه مايدرك بفتحها كعوج الحائط والعود وبهذا فرق بينهما في الجمهرة وغيرها .
واختار المرزوقي في شرح الفصيح أنه لافرق بينهما وقال أبو عمرو : يقال لعدم الأستقامة المعنوية والحسية عوج بالكسر وأما العوج بالفتح فمصدر وصح الواو فيه لأنه منقوص من اعوج ولما صح في العقل صح في المصدر أيضا والأمت التنو والتنكير فيهما للتقليل وعن ابن عباس عوجا ميلا ولا أمتا أثر مثل الشراك وفي رواية اخرى عنه عوجا واديا ولاامتا رابية وعن قتادة عوجا صدعا ولاأمتا أكمة وقيل : الأمت الشقوق في الأرض وقال الزجاج : هو أن يغلظ مكان ويدق مكان وقيل : الأمت في الآية العوج في السماء تجاه الريح والعوج في الأرض ختص بالعرض وتقديم الجار والمجرور على المفعول الصريح لما مر غير مرة