فحالة يكونون فيها عميا وحاله يكونون فيها زرقا وعن الفراء المراد من زرقا عميا لأن العين إذا ذهب نورها ازرق ناظرها ووجه الجمع عليه ظاهر وعن الأزهري المراد عطاشا لأن العطش الشديد يغير سواد العين فيجعله كالأزرق وقيل : يجعله أبيض وجاء الأزرق بمعنى الأبيض ومنه سنان ازرق وقوله : .
فلما وردنا الماء زرقا جمامه .
ويلائم تفسيره بعطاشا قوله تعالى على ما سمعت ونحشر المجرمين إلى جهنم وردا .
يتخافتون بينهم أي يخضون أصواتهم ويخفونها لشدة هول المطلع والجملة استئناف لبيان ما يأتون وما يذرون حينئذ أو حال اخرى من المجرمين وقوله تعالى : إن لبثتم بتقدير قول وقع حالا من ضمير يتخافتون أي قائلين ما لبثتم في القبور إلا عشرا .
103 .
- أي عشر ليال أو عشرة ايام ولعله أوفق بقول الأمثل .
والمذكر إذا حذف وأبقى عدده قد لايؤتى بالتاء حكى الكسائي صمنا من الشهر خمسا ومنه ماجاء في الحديث ثم أتبعه بست من شوال فان المراد ستة أيام وحسن الحذف هنا كون ذلك فاصلة ومرادهم من هذا القول استقصار المدة وسرعة انقضائها والتنديم على ما كانوا يزعمون حيث تبين الأمر على خلاف ماكانوا عليه من إنكار البعث وعده من قبيل المحالات كأنهم قالوا : قد بعثتم وما لبثتم في القبر إلا مدة يسيرة وقد كنتم تزعمون انكم لن تقوموا منه ابدا وعن قتادة انهم عنوا لبثهم في الدنيا وقالوا ذلك استقصارا لمدة لبثهم فيها لزوالها ولاستطالتهم مدة الآخرة أو لتأسفهم عليها لما عاينوا الشدائد وأيقنوا أنهم استحقوها على إضاعة الايام في قضاء الاوطار واتباع الشهوات وتعقب بانهم في شغل شاغل عن تذكر ذلك فالأوفق بحالهم ما تقدم وبان قوله تعالى : لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث صريح في أنه اللبث في القبور وفيه بحث .
وفي مجمع البيان عن ابن عباس وقتادة انهم عنوا لبثهم بين النفختين يلبثون اربعين سنة مرفوعا عنهم العذاب نحن أعلم بما يقولون أي بالذي يقولونه وهو مدة لبثهم إذ يقول امثلهم طريقة أي اعدلهم رأيا وأرجحهم عقلا و إذ ظرف يقولون إن لبثتم إلا يوما .
104 .
- واحدا واليه ينتهى العدد في القلة .
وقيل : المراد باليوم مطلق الوقت وتنكيره للتقليل والتحقير فالمراد إلا زمنا قليلا وظاهر المقابلة بالعشر يبعده ونسبة هذا القول إلى امثلهم استرجاح منه تعالى له لكن لا لكونه اقرب إلى الصدق بل لكونه اعظم في التنديم أو لكونه ادل على شدة الهول وهذا يدل على كون قائله أعلم بفظاعة الأمر وشدة العذاب .
ويسألونك عن الجبال السائلون منكرو البعث من قريش على ما أخرجه ابن المنذر عن ابن جريج قالوا على سبيل الاستهزاء كيف يفعل ربك بالجبال يوم القيامة وقيل : جماعة من ثقيف وقيل : أناس من المؤمنين فقل ينسفها ربى نسفا .
105 .
- يجعلها سبحانه كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها والفاء للمسارعة إلى إزالة ما في ذهن السائل من بقاء الجبال بناء على ظن أن ذلك من توابع عدم الحشر إلا ترى أن منكرى الحشر يقولون بعدم تبدل هذا النظام المشاهد في الأرض والسموات أو للمسارعة إلى تحقيق الحق حفظا من أن يتوهم ما يقضى بفساد الأعتقاد .
وهذا مبني على أن السائل من المؤمنين والأول على أنه من منكرى البعث ومن هنا قال الأمام : إن مقصود السائلين الطعن في الحشر والنشر فلا جرم أمر صلى الله عليه وسلّم بالجواب مقرونا بحرف التعقيب لأن تأخير البيان في