بذلك بعد ما تقدم ثم قال : وكذلك ما قاله العلامه الطيبي من أن المعنى واحزنهم حمل الوزر على أن حملا تمييز واللام في لهم للبيان لما ذكر من فوات فخامة المعنى وان البيان أن كان لاختصاص الحمل بهم ففيه غنية وإن كان لمحل الاحزان فلا كذلك طريق بيانه وإن كان على أن هذا الوعيد لهم فليس موقعه قبل يوم القيامة وان المناسب حينئذ وزرا ساء لهم حملا على الوصف لا هكذا معترضا مؤكدا انتهى ولا مجال لتوجيه الاتيان باللام إلى اعتبار التضمين لعدم تحقق فعل مما يلائم الفعل المذكور مناسبا لها لانها ظاهرة في الأختصاص النافع والفعل في الحدث ضار والقول بازديادها كما في ردف لكم أو الحمل على التهكم تمحل لتصحيح اللفظ من غير داع اليه ويبقى معه أمر فخامة المعنى والحاصل أن ما ذكر لا يساعده اللفظ ولا المعنى وجوز أن يكون ساء بمعنى قبح فقد ذكر استعماله بهذا المعنى وان كان في كونه معنى حقيقيا نظر و حملا تمييزا و لهم حالا و يوم القيامة متعلقا بالظرف أي قبح ذلك الوزر من جهة كونه حملا لهم في القيامة وفيه ما فيه .
يوم ينفخ في الصور منصوب باضمار اذكر وجوز أن يكون ظرف المضمر حذف للايذان بضيق العبارة عن حصره وبيانه أو بدلا من يوم القيامة أو بيانا له أو ظرفا ليتخافتون وقرأ أبو عمرو وابن محيصن وحميد ننفخ بنون العظمة على اسناد الفعل إلى الأمر به وهو الله سبحانه تعظيما للنفخ لأن ما يصدر من العظيم عظيم أو للنافخ بجعل فعله بمنزلة فعله تعالى وهو إنما يقال لمن له مزيد اختصاص وقرب مرتبة وقيل : إنه يجوز أن يكون لليوم الواقع هو فيه وقرئ ينفخ بالياء المفتوحة على أن ضميره لله عزوجل أو لاسرافيل عليه السلام وإن لم يجر ذكره لشهرته وقرأ الحسن وابن عياض في جماعة في الصور بضم الصاد وفتح الواو جمع صورة كغرفة وغرف والمراد به الجسم المصور واورد أن النفخ يتكرر لقوله تعالى ثم نفخ فيه اخرى والنفخ في الصورة احياء والأحياء غير متكرر بعد الموت وما في القبر ليس بمراد من النفخة الأولى بالاتفاق .
وأجيب بأنه لانسلم أن كل نفخ احياء وبعضهم فسر الصور على القراءة المشهورة بذلك ايضا والحق تفسيره بالقرن الذي ينفخ فيه ونحشر المجرمين يومئذ أي يوم إذ ينفخ في الصور وذكر ذلك صريحا مع تعين أن الحشر لايكون إلا يوئذ للتهويل وقرأ الحسن يحشر بالياء والبناء للمفعول و المجرمون بالرفع على النيابةعن الفاعل وقرئ ايضا يحشر بالياء والبناء للفاعل وهو ضميره D أي ويحشر الله تعالى المجرمين زرقا .
102 .
- حال كونهم زرق الابدان وذلك غاية في التشويه ولاتزرق الابدان إلا من مكابدة الشدائد وجفوف رطوبتها وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما زرق العيون فهو وصف للشئ بصفة جزئه كما يقال غلام اكحل واحول والكحل والحول من صفات العين ولعله مجاز مشهور وجوز أن يكون حقيقة كرجل اعمى وإنما جعلوا كذلك لأن الزرقة أسوأ ألوان العين وابغضها إلى العرب فان الروم الذين كانوا اشد اعدائهم عداوة زرق ولذلك قالوا في وصف العدو أسود الكبد اصهب السبال أزرق العين وقال الشاعر : وما كنت اخشى أن تكون وفاته بكفى سبنتى أزرق العين مطرق وكانوا يهجون بالزرقة كما في قوله : لقد زرقت عيناك يا ابن مكعبر الاكل ضبى من اللؤم أزرق وسئل ابن عباس عن الجمع بين زرقا على ما روى عنه وعميا في آية أخرى فقال : ليوم القيامة حالات