وكذلك سولت لى نفسى .
96 .
- أي زينته وحسنته إلى الأشارة إلى مصدر الفعل المذكور بعد وذلك على حد قوله تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا وحاصل جوابه أن ما فعله إنما صدر عنه بمحض اتباع هوى النفس الأمارة بالسوء لا لشئ أخر من البرهان العقلي أو النقلي أو من الالهام الالهى هذا ثم ما ذكر من تفسير الآية هو المأثور عن الصحابة والتابعين رضى الله تعالى عنهم وتبعهم جل اجلة المفسرين وقال أبو مسلم الأصبهاني : ليس في القرآن تصريح بهذا الذي ذكروه وهنا وجه آخر وهو أن يكون المراد بالرسول موسى عليه السلام واثره سنته ورسمه الذي أمر به ودرج عليه فقد يقول الرجل : فلان يقفو اثر فلان ويقتص اثره إذا كان يمتثل رسمه وتقرير الآية على ذلك أن موسى عليه السلام لما أقبل على السامرى باللوم والمسئلة عن الأمر الذي دعاه إلى إضلال القوم بالعجل قال بصرت بما لم يبصروا به أي عرفت أن الذي عليه القوم ليس بحق وقد كنت قبضت قبضة من اثرك أي شيئا من دينك فنبذتها أي طرحتها ولم اتمسك بها وتعبيره عن موسى عليه السلام بلفظ الغائب على نحو قول من يخاطب الامير ما قول الامير في كذا ويكون اطلاق الرسول منه عليه عليه السلام نوعا من التهكم حيث كان كافرا مكذبا به على حد قوله تعالى حكاية عن الكفرة يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون انتهى وانتصر له بعضهم بأنه اقرب إلى التحقيق ويبعد قول المفسرين أن جبريل عليه السلام ليس معهودا باسم الرسول ولم ير له فيما تقدم ذكر حتى تكون اللام في الرسول لسابق في الذكر وان ما قولوه لا بد له من تقدير المضاف والتقدير خلاف الأصل وان احتصاص السامري برؤية جبريل عليه السلام ومعرفته من بين سائر الناس بعيد جدا وايضا كيف عرف أن اثر حافر فرسه يؤثر هذا الأمر الغريب العجيب من حياة الجماد وصيرورته لحما ودما على أنه لو كان كذلك لكان الاثر نفسه أولى بالحياة وايضا متى اطلع كافر على تراب هذا شأنه فلقلئل أن يقول لعل موسى عليه السلام اطلع شئ آخر يشبه هذا فلاجله اتى بالمعجزات فيكون ذلك فيما أتى به المرسلون عليهم السلام من الخوارق وابضا يبعد الكفر والاقدام على الاضلال بعد أن عرف نبوة موسى عليه السلام بمجئ هذا الرسول الكريم اليه انتهى .
وأجيب بأنه قد عهد في القرآن الكريم اطلاق الرسول على جبريل عليه السلام فقد قال سبحانه إنه لقول رسول كريم وعدم جريان ذكر له فيما تقدم لا يمنع من أن يكون معهودا ويجوز أن يكون اطلاق الرسول عليه عليه السلام شائعا في بني اسرائيل لا سيما إن قلنا بصحة ما روى أنه عليه السلام كان يغذي من يلقى من اطفالهم في الغار في زمان قتل فرعون لهم وبان تقدير المضاف في الكلام اكثر من أن يحصى وقد عهد ذلك في كتاب الله تعالى غير مرة وبان رؤيته جبريل عليه السلام دون الناس كان ابتلاء منه تعالى ليقضى الله تعالى امرا كان مفعولا وبان معرفته تأثير ذلك الاثر ما ذكر كانت لما القى في روعه أنه لا يلقيه على كل شئ فيقول كن كذا إلا كان كما في خبر ابن عباس أو كانت لما شاهد من خروج النبات بالوطء كما في بعض الآثار ويحتمل أن يكون سمع ذلك من موسى عليه السلام وبان ما ذكر في أولوية الاثر نفسه بالحياة غير مسلم إلا ترى أن الاكسير يجعل ما يلقى هو عليه ذهبا ولا يكون هو بنفسه ذهبا وبان المعجزة مقرونة بدعوى الرسالة من الله تعالى والتحدي وقد قالوا : متى ادعى أحد الرسالة واظهر الخارق وكان لسبب خفي يجهله المرسل اليهم قيض الله تعالى ولا بد من يبين حقيقة