وقرأ الأعمش وابو السمال بصرت بكسر الصاد بما لم يبصروا بفتح الصاد وقرأ عمرو بن عبيد بصرت بضم الباء وكسر الصاد بما لم تبصروا بضم التاء المثناة من فوق وفتح الصاد على البناء للمفعول .
وقرأ الكسائي وحمزة وابو بحرية والأعمش وطلحة وابن أبى ليلى وابن مناذر وابن سعدان وقعنب بما لم تبصروا بالتاء الفوقانية المفتوحة وبضم الصاد والخطاب لموسى عليه السلام وقومه وقيل : له عليه السلام وحده وضمير الجمع للتعظيم كما قيل في قوله تعالى رب ارجعون وهذا منقول عن قدماء النحاة وقد صرح به الثعالبي في سر العربية فما ذكره الرضى من أن التعظيم إنما يكون في ضمير المتكلم مع الغير كفعلنا غير مرتضى وان تبعه كثير وادعى بعضهم أن الأنسب بما سياتي أن شاء الله تعالى من قوله : وكذلك سولت لي نفسي تفسير بصر برأى لا سيما على القراءة بالخطاب فان ادعاء علم ما لم يعلمه موسى عليه السلام جراءة عظيمة لا تليق بشأنه ولا بمقامه بخلاف ادعاء رؤية ما لم يره عليه السلام فانه مما يقع بحسب ما يتفق وقد كان فيما أخرج لبن جرير عن ابن عباس رأى جبريل عليه السلام يوم فلق البحر على فرس فعرفه لما أنه كان يغذوه صغيرا حين خافت عليه امه فالقته في غار فاخذ قبضة من تحت حافر الفرس والقى في روعه أنه لا يليقها على شئ فيقول : كن كذا إلا كان .
وعن علي كرم الله وجهه أنه رآه عليه السلام راكبا على فرس حين جاء ليذهب بموسى عليهما السلام إلى الميقات ولم يره أحد غيره من قوم موسى عليه السلام فأخذ من موط فرسه قبضة من التراب وفي بعض الآثار أنه رآه كلما رفع يديه أو رجليه على التراب اليبس يخرج النبات فعرف أن له شأنا فاخذ من موطئه حفنة وذلك قوله تعالى فقبضت قبضة من اثر الرسول أي من اثر فرس الرسول وكذا قرأ عبد الله فالكلام على حذف مضاف كما عليه اكثر المفسرين واثر الفرس التراب الذي تحت حافره وقيل : لا حاجة إلى تقدير مضاف لأن اثر فرسه اثره عليه الاسلام .
ولعل ذلك جبريل عليه السلام بعنوان الرسالة لأنه لم يعرفه إلا بهذا العنوان أو للاشعار بوقوفه على ما لم يقف عليه القوم من الأسرار الالهية تأكيدا لما صدر به مقالته والتنبيه كما قيل على وقت اخذ ما اخذه .
والقبضة المرة من القبض اطلقت على المقبوض مرة وبذلك يرد على القائلين بأن المصدر الواقع كذلك لا يؤنث بالتاء فيقولون : هذه حلة نسيج اليمن ولا يقولون : نسجة اليمن والجواب بأن الممنوع إنما هو التاء الدالة على التحديد لا على مجرد التأنيث كما هنا والمناسب على هذا أن لا تعتبره المرة كما لا يخفى .
وقرأ عبد الله وابى وابن الزبير والحسن وحميد قبصت قبصة بالصاد فيهما وفرقوا بين القبض بالضاد المعجمة والقبص بالصاد بأن الأول الأخذ بجميع الكف والثاني الأخذ باطراف الأصابع ونحوهما الخضم بالخاء للاكل بجميع الفم والقضم بالقاف للاكل باطراف الاسنان وذكر أن ذلك مما غير لفظه لمناسبة معناه فان الضاد المعجمة للثقل واستطالة مخرجها جعلت فيما يدل على الأكثر والصاد لضيق محلها وخفائه جعلت فيما يدل على القليل .
وقرأ الحسن بخلاف عنه وقتادة ونصر بن عاصم بضم القاف والصاد المهملة وهو اسم للمقبوض كالمضغة اسم للممضوغ فنبذتها أي القيتها في الحلى المذهب وقيل : في جوف العجل فكان ما كان