حيث يفتحون همزة إن بعد القول مطلقا والفاء في قوله تعالى : فاتبعونى واطيعوا امرى .
90 .
- لترتيب ما بعدها على ما قبلها من مضمون الجملتين أي إذا كان الأمر كذلك فاتبعوني واطيعوا امرى في الثبات على الدين .
وقال ابن عطية : أي فاتبعوني إلى الطور الذي واعدكم الله تعالى اليه وفيه أنه عليه السلام لم يكن بصدد الذهاب إلى الطور ولم يكن مامورا به وما واعد الله سبحانه أولئك المفتونين بذهابهم انفسهم اليه وقيل : ولا يخلو عن حسن أي فاتبعوني في الثبات على الحق واطيعوا امرى هذا واعرضوا عن التعرض لعبادة ما عرفتم امره أو كفوا انفسكم عن اعتقاد الوهيته وعبادته قالوا في جواب هرون عليه السلام لن نبرح عليه أي لا نزال على عبادة العجل عاكفين مقيمين حتى يرجع الينا موسى .
91 .
- الظاهر من حالهم أنهم لم يجعلوا رجوعه عليه السلام غاية للعكوف على عبادة العجل على طريق الوعد بتركها لا محالة عند رجوعه بل ليروا ماذا يكون منه عليه السلام وماذا يقول فيه وقيل : إنهم علق في انهانهم قول السامرى : هذا إلهكم وإله موسى فنسى .
88 .
- فغيوا برجوعه بطريق التعلل والتسويف واضمروا أنه إذا رجع عليه السلام يوافقهم على عبادته وحاشاه وهذا مبني على أن المحاورة بينهم وبين هرون عليه السلام وقعت بعد قول السامرى المذكور فيكون من قبل على معنى من قبل رجوع موسى وذكر أن هذا الجواب يؤيده هذا المعنى لأن قولهم : لن نبرح الخ يدل على عكوفهم حال قوله عليه السلام وهم لم يعكفوا على عبادته قبل قول السامرى وإنما عكفوا بعده .
وقال الطيبي : إن جوابهم هذا من باب الاسلوب الاحمق نقيض الاسلوب الحكيم لانهم قالوه عن قلة مبالاة بالادلة الظاهرة كما قال نمروذ في جواب الخليل عليه السلام أنا أحي وأميت فتأمل واستدل أبو حيان بهذا التغيى على أن لن لا تفيد التأييد لأن التغيى لا يكون الا حيث يكون الشئ محتملا فيزال الاحتمال به .
وأنت تعلم أن القائل بافادتها ذلك لا يدعى انها تفيده في كل الموارد وهو ظاهر وفي بعض الأخبار أنهم لما قالوا ذلك اعتزلهم هرون عليه السلام في اثنا عشر ألفا وهم الذين لم يعبدوا العجل فلما رجع موسى عليه السلام وسمع الصياح وكانوا يسجدون إذا خار العجل فلا يرفعون حتى يخور ثانية وفي رواية كانوا يرقصون عند خواره قال للسبعين الذين كانوا معه : هذا صوت الفتنة حتى إذا وصل قال لقومه ما قال وسمع منهم ما قالوا .
وقوله تعالى : قال استئناف نشا من حكاية جوابهم السابق اعنى قوله تعالى ما اخلفنا موعدك الخ كأنه قيل : فماذا قال موسى لهرون عليهما السلام حين سمع جوابهم وهل رضى بسكوته بعد ما شاهد منهم ما شاهد فقيل : قال له وهو مغتاظ قد اخذ بلحيته وراسه يا هرون ما منعك إذ رايتهم ضلوا .
92 .
- بعبادة العجل ولم يلتفتوا إلى دليل بطلانها الا تتبعن أي تتبعنى على أن لا سيف خطيب كما في قوله تعالى ما منعك أن لا تسجد وهو مفعول ثان لمنع وإذ متعلق بمنع وقيل : بتتبعنى ورد بأن ما بعد أن لا يعمل فيما قبلها وأجيب بأن الظرف يتوسع فيه ما لم يتوسع في غيره وبان الفعل السابق لما طلبه على أنه مفعول ثان له كان مقدما حكما وهو كما ترى أي اي شئ منعك حين رؤيتك لضلالهم من أن تتبعني وتسير بسيري في الغضب لله تعالى والمقاتلة مع من كفر به وروى ذلك عن مقاتل وقيل : في الأصلاح والتسديد ولا يساعده ظاهر الاعتذار واستظهر أبو حيان أن يكون المعنى ما منعك من أن تلحقني إلى جبل الطور بمن آمن من بني اسرائيل وروى ذلك عن ابن عباس