رضى الله تعالى عنهما على إثرى بكسر الهمزة وسكون الثاء وحكى الكسائي اترى بضم الهمزة وسكون الثاء وتروى عن عيسى وفي الكشاف إن الاثر بفتحتين افصح من الاثر بكسر فسكون وأما الاثر فمسموع في فرند السيف مدون في الأصول يقال : اثر السيف واثره وهو بمعنى الاثر غريب قال استئناف مبني على سؤال نشأ من حكاية اعتذاره عليه السلام وهو السر في وروده على صيغة الغائب لا أنه التفات من المتكلم إلى الغيبة لما أن المقدر فيما سبق على صيغة التكلم كأنه قيل من جهة السامعين : فماذا قال ربه تعالى حينئذ فقيل : قال سبحانه فانا قد فتنا قومك أي اختبرناهم بما فعل السامرى أو اوقعناهم في فتنة أي ميل مع الشهوات ووقوع في اختلاف من بعدك من بعد فراقك لهم وذهابك من بينهم واضلهم السامرى .
85 .
- حيث أخرج لهم عجلا جسدا له خوار ودعاهم إلى عبادته وقيل : قال لهم بعد أن غاب موسى عليه السلام عنهم عشؤين ليلة : إنه قد كملت الأربعون فجعل العشرين مع أيامها أربعين ليلة وليس من موسى عين ولا اثر وليس اخلافه ميعادكم إلا لما معكم من حلى القوم وهو حرام عليكم فجمعوه وكان من أمر العجل ما كان والمراد بقومك هنا الذين خلفهم مع هرون عليه السلام وكانوا على ما قيل ستمائة ألف ما نجا منهم من عبادة العجل إلا اثنا عشر ألفا فالمراد بهم غير المراد بقومك فيما تقدم ولذا لم يؤت بضميرهم وقيل : المراد بالقوم في الموضعين المختلفين لتعين ارادتهم هنا والمعرفة المعادة عين الأولى ومعنى هم اولاء على اثرى هم بالقرب مني ينتظرونني .
وتعقبه في الكشف بأنه غير ملائم للفظ الاثر ولا هو مطابق لتمهيد عذر العجلة ومن أين لصاحب هذا التأويل النقل بانهم كانوا على القرب من الطور وحديث المعرفة المعادة إنما هو إذا لم يقم دليل التغاير وقد قام على أن لنا أن تقول : هي عين الأولى لأن المراد بالقوم الجنس في الموضعين لكن المقصود منه اولا النقباء وثانيا المتخلفون ومثله كثير في القرآن انتهى وما ذكره من نفي النقل الدال على القرب فيه مقال وسيأتي إن شاء الله تعالى قريبا من الأخبار ما يدل بظاهره على الأقرب إلا أنا لم نقف على تصحيحه أو تضعيفه .
وما ذكر في تفسير هم اولاء على اثرى على إرادة المتخلفين في الأول أيضا نقله الطبرسي عن الحسن ونقل عنه أيضا تفسيره بانهم على ديني منهاجي والأمر عليه اهون والفاء لتعليل ما يفهمه الكلام السابق كأنه قيل : لا ينبغي عجلتك عن قومك وتقدمك عليهم وإهمال أمرهم لوجه من الوجوه فانهم لحداثة عهدهم باتباعك ومزيد بلاهتهم وحماقتهم بمكان يحيق فيه مكر الشيطان ويتمكن من إضلالهم فان القوم الذين خلفتهم مع اخيك قد فتنوا واضلهم السامرى بخروجك من بينهم فكيف تامن على هؤلاء الذين أغفلتهم وأهملت أمرهم .
وفي إرشاد العقل السليم إنها لترتيب الأخبار بما ذكر من الأبتلاء على اخبار موسى عليه السلام بعجلته لكن لا لأن الاخبار بها سبب موجب للاخبار به بل لما بينهما من المناسبة المصححة للانتقال من أحدهما إلى الآخر من حيث أن مدار الأبتلاء المذكور عجلة القوم وليس بذاك وأما قول الخفاجي : إنها للتعقيب من غير تعليل أي اقول لك عقب ما ذكر إنا قد فتنا إلى آخره ففيه سهو ظاهر لأن هذا المعنى إنما يتسنى لو كانت الفاء داخلة على القول لكنها داخلة على ما بعده وظاهر الآية يدل على أن الفتن وإضلال السامرى إياهم قد تحققا ووقعا قبل الأخبار بهما إذ صيغة الماضي ظاهرة في ذلك والظاهر أيضا على ما قررنا أن الأخبار كان عند مجيئه عليه