طلبا لأن يكون هذا اداء هذا الركن مع الجماعة التي فيها رضا الرب تعالى فانهم قالوا : إن ذلك غير مشروع وقدم عليه السلام الأعتذار عن إنكار أصل الفعل لأنه أهم وقال بعضهم : إن الأستفهام سؤال عن سبب العجلة يتضمن انكارها لانها في نفسها نقيصة انضم اليه الأغفال وايهام التعظيم فاجاب عليه السلام عن السبب بأنه استدامة الرضا أو حصول زيادته وعن الأنكار بما محصله أنهم لم يبعدوا عني وظننت أن التقدم اليسير لكونه معتادا بين الناس لا ينكر ولا يعد نقيصة وعلل تقديم هذا الجواب بما مر واعترض بأن مساق كلامه بظاهره يدل على أن السؤال عن السبب على حقيقته وانت خبير بأن حقيقة الأستفهام محال على الله تعالى فلا وجه لبناء الكلام عليه وأجيب بأن السؤال من علام الغيوب محال إن كان لاستدعاء المعرفة أما إذا كان لتعريف غيره أو لتبكيته أو تنبيهه فليس محالا وتعقب بأنه لا يحسن هنا أن يكون السؤال لاحد المذكورات والمتبادر أن يكون للانكار وفي الأنتصاف أن المراد من سؤال موسى عليه السلام عن سبب العجلة وهو سبحانه اعلم أن يعلمه ادب السفر وهو أنه ينبغي تأخر رئيس القوم عنهم ليكون بصره بهم ومهيمنا عليهم وهذا المعنى لا يحصل مع التقدم إلا ترى كيف علم الله تعالى هذا الأدب لوطا فقال سبحانه واتبع ادبارهم فأمره D أن يكون آخرهم وموسى عليه السلام إنما أغفل هذا الأمر مبادرة إلى رضا الله تعالى ومسارعة إلى الميعاد وذلك شأن الموعود بما يسره يود لو ركب اجنحة الطير ولا اسر من مواعدة الله تعالى له E انتهى .
وأنت تعلم أن السؤال عن السبب مالم يكن المراد منه انكار المسبب لا يتسنى هذا التعليم وقال بعضهم : الذي يلوح بالبال أن يكون المعنى أي شئ أعجلك منفردا عن قومك والأنكار بالذات للانفراد عنهم فهو منصب على القيد كما عرف في أمثاله وإنكار العجلة ليس إلا لكونها وسيلة له فاعتذر موسى عليه السلام عنه باني اخطات في الأجتهاد وحسبت أن القدر اليسير من التقدم لا يخل بالمعية ولا يعد انفرادا ولا يقدح بالاستصحاب والحامل عليه طلب استدامة مرضاتك بالمبادرة إلى امتثال أمرك فالجواب هو قوله هم اولاء على اثرى وقوله وعجلت إليك رب لترضى كالتتميم له اه وهو عندي لا يخلو عن حسن .
وقيل : إن السؤال عن السبب والجواب إنما هو قوله وعجلت الخ وما قبله تمهيد له وفيه نظر وعلى هذا وما قبله لم يكن جواب موسى عليه السلام عن امرين ليجئ سؤال الترتيب فيجاب بما مر أو بما ذكره الزمخشري من أنه عليه السلام حا لما ورد عليه من التهيب لعتاب الله D فأذهله ذلك عن الجواب المنطبق المترتب على حدود الكلام لكن قال في البحر : إن في هذا الجواب اساءة الأدب مع الأنبياء عليهم السلام وذلك شأن الزمخشري معهم صلى الله تعالى عليه وسلم والمراد من اليك إلى مكان وعدك فلا يصلح دليلا للمجسمة على اثبات مكان له D ونداؤه تعالى بعنوان الربوبية لمزيد الضراعة والأبتهال رغبة في قبول العذر و اولاء اسم اشارة كما هو المشهور مرفوع المحل على الخبرية لهم و على اثرى خبر بعد خبر أو حال كما قال أبو حيان وجوز الطبرسي كون اولاء بدل من هم و على اثرى هو الخبر وقال أبو البقاء : اولاء اسم موصول و على اثرى صلته وهو مذهب كوفي .
وقرأ الحسن وابن معاذ عن ابيه اولاى بياء مكسورة وابن وثاب وعيسى في رواية أولى بالقصر وقرأت فرقة اولاى بياء مفتوحة وقرأ عيسى ويعقوب وعبد الوارث عن ابي عمرو وزيد بن علي