عطف على المجزوم والألف جئ بها للاطلاق مراعاة لأواخر الآى كما في قوله تعالى فاضلونا السبيلا وتظنون بالله الظنونا أو هو مجزوم بحذف الحركة المقدرة كما في قوله : إذا العجوز غضبت فطاق ولا ترضاها ولا تملق وهذا لغة قليلة عند قوم وضرورة عند آخرين فلا يجوز تخريج التنزيل الجليل الشأن عليه أو لا يليق مع وجود مثل الاحتمالين السابقين أو الأول منهما والخشية اعظم الخوف وكانه إنما اختيرت هنا لأن الغرق اعظم من ادراك فرعون وجنوده لما أن ذاك مظنة السلامة ولا ينافي ذلك أنهم إنما ذكروا اولا ما يدل على خوفهم منه حيث قالوا : إنا مدركون ولذا سورع في إزاحته بتقديم نفيه كما يظهر بالتأمل .
فاتبعهم فرعون بجنوده أي تبعهم ومعه جنوده على أن اتبع بمعنى وهو متعد إلى واحد والباء للمصاحبة والجار والمجرور في موضع الحال ويؤيد ذلك أنه قرأ الحسن وابو عمرو في رواية فاتبعهم بتشديد التاء وقرئ أيضا فاتبعهم فرعون وجنوده وقيل : اتبع متعد إلى اثنين هنا كما في قوله تعالى : اتبعناهم ذرياتهم والثاني مقدر أي فاتبعهم رؤساء دولته أو عقابه وقيل : نفسه والجار والمجرور في موضع الحال أيضا وعن الأزهرى أن المفعول الثاني جنوده والباء سيف خطيب أي اتبعهم فرعون جنوده وساقهم خلفهم فكان معهم يحثهم على اللحوق بهم وجوز أن يكون المفعول الثاني جنوده والباء للتعدية فيكون قد تعدى الفعل إلى واحد بنفسه والأخر بالحرف وايا ما كان فالفاء فصيحة معربة عن مضمر قد طوى ذكره ثقة بغاية ظهوره وإيذانا بكمال مسارعة موسى عليه السلام إلى الأمتثال بالأمر أي ففعل ما أمر به من الأسراء بعبادي وضرب الطريق لهم فاتبعهم فرعون بجنوده .
وزعم بعضهم أن الايحاء بالضرب كان بعد أن اتبعهم فرعون وترائى الجمعان والظاهر الأول روى أن موسى عليه السلام خرج بهم أول الليل يريد القلزم وكانوا قد استعاروا من قوم فرعون الحلى والدواب لعيد يخرجون اليه وكانوا ستمائة ألف وثلاثة الأف ونيفا ليس فيهم ابن ستين ولا عشرين وفي رواية أنهم خرجوا وهم ستمائة ألف وسبعون ألف وأخرجوا معهم جسد يوسف عليه السلام لأنه كان عهد اليهم ذلك ودلتهم عجوز على موضعه فقال لها موسى عليه السلام : احتكمي فقالت : اكون معك في الجنة فاتصل الخبر بفرعون فجمع جنوده وخرج بهم وكان في خيله سبعون ألف أدهم وكانت مقدمته فيما يحكى سبعمائة ألف فارس وقيل : ألف ألف وخمسمائة ألف فقص أثرهم حتى ترائى الجمعان فعظم فزع بني إسرائيل فضرب عليه السلام بعصاه البحر فانفلق اثنى عشر فرقا كل فرق كالطود العظيم فدخلوا ووصل فرعون وجنوده إلى المدخل فرأوا البحر منفلقا فاستعظموا الأمر فقال فرعون لهم : إنما انفلق من هيبتي فدخل على فرس حصان وبين يديه جبريل عليه السلام على فرس حجر وصاحت الملائكة عليهم السلام وكانوا ثلاثة وثلاثين ملكا أن ادخلوا فدخلوا حتى إذا استكملوا دخولا خرج موسى عليه السلام بمن معه من الاسباط سالمين ولم يخرج أحد من فرعون وجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم .
78 .
- أي علاهم منه وغمرهم ما غمرهم من الأمر الهائل الذي لا يقادر قدره ولا يبلغ كنهه