الجواب أيضا لما أن القسم لايجاب كما قال أبو حيان : بلن إلا في شاذ من الشعر وقولهم : هذا جواب لتوبيخ اللعين بقوله : آمنتم الخ وقوله تعالى فاقض ما أنت قاض جواب عن تهديده بقوله : لأقطعن الخ أي فاصنع ماأنت بصدد صنعه أو فاحكم بما أنت بصدد الحكم به فالقضاء أما بمعنى الايجاد الابداعي كما في قوله تعالى فقضاهن سبع سموات وأما بمعناه المعروف وعلى الوجهين ليس المراد من الأمر حقيقته وما موصولة والعئد محذوف .
وجوز أبو البقاء كونها مصدرية وهو مبني على ماذهب اليه بعض النحاة من جواز وصل المصدرية بالاجملة الأسمية ومنع ذلك بعضهم وقوله تعالى إنما تقضى هذه الحيوة الدنيا .
72 .
- مع ما بعده تعليل لعدم المبالاة المستفد مما سبق من الأمر بالفضاء وماكافة و هذه الحياة منصوب محلا على الظرفية لتقضى والقضاء على ما أمر ومفعوله محذوف أي إنما تصنع ماتهوه أو تحكم بما تراه في هذه الحياة الدنيا فحسب ومالنا من رغبة في عذبها ولارهبة من عذابها وجوز أن تكون ما مصدرية فهى وما في حيزها في تأويل مصدر اسم أن وخبرها هذه الحياة أي أن قضاءك كائن في هذه الحياة وجوز أن ينزل الفعل في منزلة اللازم فلا حذف .
وقرأ أبو حياة وابن ابي عبلة انما تقضى بالبناء للمفعول هذه الحياة بالرفع على أنه اتسع في الظرف فجعل مفعولا به ثم بنى الفعل له نحو صيم يوم الخميس إنا إمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا التي اقترفناها من الكفر والمعاصي ولا يؤاخذنا بها في الدار الآخرة لا ليمتعنا بتلك الحياة الفانية حتى نتاثر بما اوعدتنا به .
وقوله تعالى وما أكرهتنا عليه من السحر عطف على خطايانا أي ويغفر لنا السحر الذي عملناه في معارضة موسى عليه السلام باكراهك وحشرك ايانا من المدائن القاصية خصوة بالذكر مع اندراجه في خطاياهم اظاهرا لغاية نفرتهم عنه رغبتهم في مغفرته وذكر الاكراه للايذان بأنه مما يجب أن يفرد بالاستغفار مع صدوره عنهم يالاكراه وفيه نوع اعتذار لاستجلاب المغفرة وقيل : أن رؤساءهم كانوا اثنين وسبعين اثنان منهم من القبط والباقي من قوم اسرائيل وكان فرعون اكرههم على تعلم السحر .
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس قال : أخذ فرعون أربعين غلاما من بني اسرائيل فأمر أن يتعلموا السحر وقال : علموهم تعليما لا يغلبهم أحد من أهل الأرض وهم من الذين إمنوا بموسى عليهم السلام وهم الذين قالوا إنا آمنا بربنا ليغغر لنا خطايانا وما اكرهتنا عليه من السحر وقال الحسن كان ياخذ ولدان الناس ويجبرهم على تعلم السحر وقيل : إنه أكرههم على المعارضة حيث روى أنهم قالوا لنا : أرنا موسى نائما ففعل فوجدوه تحرسه عصاه فقالوا : ما هذا بسحر فان الساحر إذا نام بطل سحره فابى إلا أن يعارضوه ولا ينافي قولهم : بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون لاحتمال أن يكون قبل ذلك أو تجلدا كما أن قولهم : إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قبله كما قيل : وزعم أبو عبيد أن مجرد أمر السلطان سخصا اكراه وإن لم يتوعده والى ذلك ذهب ساداتنا الحنفيه كما في عامة كتبهم لما في مخالفة أمره من توقع المكروه لا سيما إذا كان السلطان جبارا طاغية والله خير في حد ذاته تعالى وأبقى .
73 .
- أي وأدوم جزاء ثوابا كان أو عقابا أو خير ثوابا