وفيه إستعارة تبعية والكلام في ذلك شهير وقيل : لاستعارة اصلا لأن فرعون نقر جذوع النخل وصلبهم في داخلها ليموتوا جوعا وعطشا ولا يكاد يصح بل في اصلا الصلب كلام فقال بعضهم : إنه انفذ فيهم وعيده وصلبهم وهو أول من صلب ولا ينافيه قوله تعالى : انتما ومن اتبعكما الغالبون لأن المراد الغلبة بالحجة وقال الأمام : لم يثبت ذلك في الأخبار وانت تعلم أن الظاهر السلامة وصيغة التفعيل في الفعلين للتكثير وقرئ بالتخفيف فيهما .
ولتعلمن أينا أشد عذابا وابقى .
71 .
- يريد من نا نفسه وموسى عليه السلام بقرينة تقدم ذكره في قوله تعالى إمنتم له بناء على الظاهر فيه واختار ذلك الطبري وجماعة وهذا إما لقصد توضيع موسى عليه السلام والهزء به لأنه عليه السلام لم يكن من التعذيب في شئ وإما لأن ايمانهم لم يكن بزعمه عن مشاهدة المعجزة ومعاينة البرهان بل كان عن خوف من قبله عليه السلام حيث رأوا ابتلاء عصاه لحبالهم وعصيهم فخافوا على انفسهم أيضا واختار أبو حيان أن المراد من الغير الذي اشار اليه الضمير رب موسى D الذي آمنوا به بقولهم آمنا برب هرون موسى ولتعلمن هنا معلق و أينا أشد جملة استفهامية من مبتدأ وخبر في موضع نصب سادة مسد مفعوليه أن كان العلم على بابه أو في موضع مفعول واحد له أن كان بمعنى المعرفة : ويجوز على هذا الوجه أن يكون اينا مفعولا وهو مبني على رأى سيبويه و أشد خبر مبتدأ محذوف أي هو أشد والجملة صلة أي والعائد الصدر و عذابا تمييز وقد استغنا بذكره معا اشد عن ذكره مع أبقى وهو مراد أيضا واشتقاق أبقى من البقاء بمعنى الدوام وقيل : لا يبعد والله تعالى أعلم أن يكون من البقاء بمعنى العطاء فان اللعين كان يعطى لمن يرضاه العطايا فيكون للاية شبه بقول نمرود أنا أحي وأميت وهو في غاية البعد عند من له ذوق سليم ثم لا يخفى أن اللعين في غاية الوقاحة ونهاية الجلادة حيث أوعد وهدد وأبرق وأرعد مع قرب عهده بما شاهد من انقلاب العصا حية وما لها من الآثار الهائلة حتى أنها قصدت ابتلاع قبته فاستغاث بموسى عليه السلام ولا يبعد نحو ذلك من فاجر طاغ مثله قالوا غير مكترثين بوعيده ان نؤثرك لن نختارك بالأيمان والأنقياد على ما جاءنا من الله تعالى على يد موسى عليه السلام من البينات من المعجزات الظاهرة التي اشتملت عليها العصا وإنما جعلوا المجئ اليهم وان عم لانهم المتفعون بذلك والعارفون به على أتم وجه من غير تقليد وما موصولة وما بعدها صلتها والعائد الضمير المستتر في جاذ وقيل العائد محذوف وضمير جاءنا لموسى عليه السلام أي على الذي جاءنا به موسى عليه السلام وفيه بعد وان كان صنيع بعضهم اختياره مع أن في صحة حذف مثل هذا المجرور كلاما .
والذي فطرنا أي أبدعنا وأوجدنا وسائر العلويات والسفليات وهو عطف على ماجاءنا وتأخيره لأن ما في ضمنه إية عقلية نظرية وما شاهدوه إية حسية ظاهرة وايراده تعالى بعنوان الفاظرية لهم للاشعار بعلة الحكم فان ابدعه تعالى لهم وكون فرعون من جملة مبدعاته سبحانه مما يوجب عدم ايثارهم إياه عليه D وفيه تكذيب للعين في دعواه الربوبية وقيل : الواو للقسم وجوابه محذوف لدلالة المذكور عليه أي وحق الذي فطرنا لن نؤثرك الخ ولا مساغ لكون المذكور جوابا عند من يجوز تقديم