عربي وإنما لم يعتبر العكس لأن المتضمن أوفق بمقام النهى عن الخوف وتشجيعه عليه السلام .
وقال أبو حيان : عبر بذلك دون عصاك لما فى اليمين من معنى اليمن والبركة وفيه أن الخطاب لم يكن بلفظ عربى وقيل : الأبهام للتحقير بأن المراد لا تبالى بكثرة حبالهم وعصيهم والق العويد الذى فى يدك فانه بقدر الله تعالى يلفقها مع وحدته وكثرتها وصغره وعظمها وتعقب بأنه يلباه ظهور حالها فيما مر مرتين على أن ذلك المعنى إنما يليق بما لو فعلت العصا ما فعلت وهى على الهيئة الأصلية وقد كان منها ما كان وما يحتمل أن ان تكون موصوفة ويحتمل أن تكون موصولة على كل من الوجهين وقيل : الأنسب على الأول الأول وعلى الثانى الثانى وقوله تعالى تلقف ما صنعوا بالجزم جواب الأمر من لقفه ناله بالحذق باليد أو بالفم وامراد هنا الثانى والتأنيث بكون ما عبارة عن العصا أي تبتلع ما صنعوه من الحبال والعصى التى خيل اليك سعيها والتعبير عنها بما صنعوا للتحقير والايذان بالتمويه والتزوير وقرأ الأكثرون تلقف بفتح اللام وتشديد القاف وإسقاط إحدى التاءين من تتلقف .
وقرأ ابن عامر كذلك إلا أنه رفع الفعل على أن الجملة مستانفة استئنافا بيانيا ارحال مقدرة من فاعل الق بناء على تسببه أو من مفعوله أي متلقفا أو متلقفة وجملة الأمر معطوفة على النهى متممة بما فى حيزها لتعليل موجبة ببيان كيفية علوه وغلبه عليه السلام فان ابتلاع عصاه عليه السلام لأباطيلهم التى منها أوجس فى نفسه خفية يقلع مادة الخوف بالكلية وزعم بعضهم أن هذا صريح فى أن خوفه عليه السلام لم يكن من مخالجة الشك للناس فى معجزة العصا وإلا لعلل بما يزيله من الوعد بما يوجب إيمانهم وفيه تأمل .
وقوله تعالى انما صنعوا الخ تعليل لقوله تعالى تلقف ما صنعوا وما إما موصولة أو موصوفة أو مصدرية أي إن الذى صنعوه أو إن شيئا صنعوه أو إن صنعهم كيد ساحر بالرفع على أنه خبر إن أي كيد جنس الساحر وتنكيره للتوسل به إلى ما يقتضيه المقام من تنكير المضاف ولو عرف لكان المضاف اليه معرفة وليس مرادا واعترض بأنه يجوز أن يكون تعريفه الأضافى حينئذ للجنس وهو كالنكرة معنى وإنما الفرق بينهما حضوره فى الذهن وأجيب بأنه لا حاجة إلى تعيين جنسه فانه مما علم من قوله تعالى يخيل الخ وإنما الغرض بعد تعيينه أن يذكر أنه أمر مموه لا حقيقة له وهذا مما يعرف بالذوق وقيل : نكر ليتوسل به إلى تحقير المضاف وتعقب بأنه بعد تسليم إفادة ذلك تحقير المضاف لا يناسب المقام ولانه يفيد انقسام السحر إلى حقير وعظيم وليس بمقصود وأيضا ينافى ذلك قوله تعالى فى اية اخرى وجاؤا بسحر عظيم إلا أن يقال عظمه من وجه لا ينافى حقارته فى نفسه وهو المراد من تحقيره وقيل : إنما ذكر لئلا يذهب الذهن إلى أن المراد ساحر معروف فتدبر .
وقرأ مجاهد وحميد وزيد بن على عليهم الرحمة كيد بالنصب على أنه مفعول صنعوا وما كافة .
وقرأ حمزة والكسائى وابو بحرية والأعمش وطلحة وابن أبى ليلى وخلف فى اختياره وابن عيسى الأصبهانى وابن جبير الأنطاكى وابن جرير سحر بكسر السين واسكان الحاء على معنى ذى سحر أو على تسمية الساحر سحرا مبالغة كأنه لتوغله فى السحر صار نفس السحر وقيل : على أن الأضافة لبيان أن الكيد من جنس السحر وهذة الأضافة من اضافة العام إلى الخاص وهى على معنى اللام عند شارح الهادى