طريقة قومه أي سيدهم وكان ذلك على الوجوه مجاز لاتباعهم كما يتبع الطريق وأخرجا عن على كرم الله تعالى وجهه أن إطلاق ذلك عليهم بالسريانية وكانهم أرادوا بهؤلاء الوجوه الوجوه من قوم فرعون أرباب المناصب وأصحاب التصرف والمراتب فيكونوا قد حذروهم بالأخراج من أوطانهم وفصل ذوى المناصب منهم عن مناصبهم وفى ذلك غاية الذل والهوان ونهاية حوادث الزمان فما قيل : إن تخصيص الاذهاب بهم مما لامزية فيه ليس بشئ وقيل : إنهم أرادوا بهم بنى اسرائيل أيضا لأنهم كانوا اكثر منهم نشبا واشرف نسبا وفيه ما مر آنفا واعترض أيضا بأنه ينافيه استعبادهم واستخدامهم وقتل اولادهم وسومهم العذاب .
وأجيب بالمنع فكم من متبوع مقهور وشريف بأيدى الأنذال مأسور وهو كما ترى فاجمعوا كيدكم تصريح بالمطلوب إثر تمهيد المقدمات والفاء فصيحة أي إذا كان الأمر كما ذكر من كونهما ساحرين يريدان بكم ما يريدان فازمعوا كيدكم واجعلوه مجمعا عليه بحيث لايختلف عنه منكم أحد وارموا عن قوس واحدة .
وقرأ الزهرى وابن محيصن وابو عمرو ويعقوب فى رواية وابو حاتم فاجمعوا بوصل الهمزة وفتح الميم من الجمع ويعضده قوله تعالى فجمع كيده وفى الفرق بين جمع وأجمع كلام للعلماء قال ابن هشام : أن اجمع يتعلق بالمعانى فقط وجمع مشترك بين المعانى والذوات وفى عمدة الحفاظ حكاية القول بأن اجمع اكثر ما يقال فى المعانى وجمع فى الأعيان فيقال : اجمعت امرى وجمعت قومى وقد يقال بالعكس .
وفى المحكم أنه يقال : جمع الشئ عن تفرقه يجمعه جمعا واجمعه فلم يفرق بينهما وقال الفراء : إذا أردت جمع المتفرق قلت : جمعت القوم فهم مجموعون وإذا أردت جمع المال قلت جمعت بالتشديد ويجوز تخفيفه والأجماع والأحكام والعزيمه على الشئ ويتعدى بنفسه وبعلى تقول : اجمعت الخروج وأجمعت على الخروج وقال العاصمعى : يقال جمعت الشئ إذا جئت به من هنا ومن هنا وأجمعته إذا صيرته جميعا وقال أبو الهيثم : اجمع أمره أي جعله جميعا وعزم عليه بعد ما كان متفرقا وتفرقته أن يقول مرة أفعل كذا ومرة أفعل كذا والجمع أن يجمع شيئا إلى شئ وقال الفراء : فى هذه الآية على القراءة الأولى أي لاتدعوا شيئا من كيدكم إلا جئتم به ثم ائتوا صفا أي مصتفين أمروا بذلك لأنه أهيب فى صدور الرائين وادخل فى استجلاب الرهبه من المشاهدين قيل : كانوا سبعين الف مع كل منهم حبل وعصا واقبلوا عليه عليه السلام اقباله واحده وقيل : كانوا اثنين وسبعين ساحرا اثنان من القبط والباقى من بنى اسرائيل وقيل : تسعمائة ثلاثمائة من الفرس وثلاثمائة من الروم وثلاثمائة من الاسكندرية وقيل : خمسة عشر ألفا وقيل : بضعه وثلاثين الفا ولا يخفى حال الاخبار فى ذلك والقلب لا يميل إلى المبالغة والله تعالى أعلم ولعل الموعد كان مكان متسعا خاطبهم موسى عليه السلام بما ذكر فى قطر من أقطاره وتنازعوا أمرهم فى قطر آخر منه ثم أمروا أن ياتوا وسطه على الحال المذكوره وقد فسر أبو عبيده الصف بالمكان الذى يجتمعون فيه لعيدهم وصلواتهم وفيه بعد وكانه علم لموضع معين من مكان يوم الزينة وعلى هذا التفسير صفا مفعولا به .
وقرأ شبل بن عباد وابن كثير فى رواية شبل عنه ثم ايتوا بكسر الميم وإبدال الهمزة ياء قال أبو على : وهذا غلط ولا وجه بكسر الميم وقال صاحب اللوامح : أن ذلك لالتقاء الساكنين كما كانت الفتحه فى