ولو لم يعرف لم يكن مطابقا لمطلبهم حيث سألوه عليه السلام موعدا معينا لا يخلف وعده وقيل : يجوز أن يكون الموعد زمانا و ضحى خبره ويوم الزينة حالا مقدما وحينئذ يستغنى عن تعريف ضحى وليس بشئ ثم أن هذا التعريف بمعنى التعيين معنى لاعلى معنى جعل ضحى أحد المعارف الاصطلاحية كما قد يتوهم .
وقال الطيبى : قال ابن جنى : يجوز أن يكون ان يحشر عطفا على الموعد كأنه قيل : انجاز موعدكم وحشر الناس ضحى فى يوم الزينة وكانه جعل الموعد عبارة عما يتجدد فى ذلك اليوم من الثواب والعقاب وغيرهما سوى الحشر ثم عطف الحشر عليه عطف الخاص على العام اه وهو كما ترى .
وقرأ ابن مسعود والجحدرى وابو عمران الجونى وابو نهيك وعمرو بن قائد تحشر الناس بتاء الخطاب ونصب الناس والمخاطب بذلك فرعون وروى عنهم أنهم قراوا بياء الغيبة ونصب الناس والضمير فى يحشر على هذه القراءة إما فرعون وجئ به غائبا على سنن الكلام مع الملوك وإما لليوم والأسناد مجازى كما فى صام نهاره وقال صاحب اللوامح : الفاعل محذوف للعلم به أي وان يحشر الحاشر الناس .
وانت تعلم أن حذف الفاعل فى مثل هذا لا يجوز عند البصريين نعم قيل فى مثله : أن الفاعل ضمير يرجع إلى اسم الفاعل المفهوم من الفعل فتولى فرعون أي انصرف عن المجلس وقيل : تولى الأمر بنفسه وليس بذاك وقيل : أعرض عن قبول الحق وليس بشئ فجمع كيده أي ما يكاد به من السحرة وادواتهم أو ذوى كيده ثم اتى .
60 .
- أي الموعد ومعه ما جمعه وفى كلمة التراخى إيماء إلى أنه لم يسارع اليه بل أتاه بعد بطء وتعلثم ولم يذكر سبحانه ايتان موسى عليه السلام بل قال جل وعلا قال لهم موسى للايذان أنه أمر محقق غنى عن التصريح به والجملة مستانفة استئنافا بيانيا كأنه قيل : فماذا صنع موسى عليه السلام عند اتيان فرعون بمن جمعه من السحرة فقيل : قال لهم بطريقة النصيحة ويلكم لا تفتروا على الله كذبا بأن تدعوا إياته التى ستظهر على يدى سحرا كما فعل فرعون فيسحتكم أي يستأصلكم بسبب ذلك بعذاب هائل لا يقادر قدره وقرأ جماعة من السبعة وابن عباس فيسحتكم بفتح الياء والحلق من الثلاثى على لغة أهل الحجاز والاسحات لغة نجد وتميم واصل ذلك اتقصاء الحلق للشعر ثم استعمل فى الاهلاك والاستئصال مطلقا وقد خاب من افترى .
61 .
- اة على الله تعالى كائنا من كان باى وجه كان فيدخل فيه الأفتراء المنهى عنه دخولا أوليا أو قد خاب فرعون المفترى فلا تكونوا مثله فى الخيبة وعدم نجح الطلبة والجملة اعتراض مقرر لمضمون ما قبلها .
فتنازعوا أي السحرة حين سمعوا كلامه عليه السلام كان ذلك غاظهم فتنازعوا امرهم الذى اريد منهم من مغالبته عليه السلام وتشاوروا وتناظروا بينهم فى كيفية المعارضة وتجاذبوا اهداب القول فى ذلك وأسروا النجوى .
62 .
- بالغوافى اخفاء كلامهم عن موسى واخيه عليهما السلام لئلا يقفا عليه فيدافعاه وكان نجواهم على ما قاله جماعة منهم الجبائى وابو مسلم ما نطق به قوله تعالى قالوا أي بطريق التناجى والأسرار إن هذان لساحران الخ فانه تفسير لذلك ونتيجة التنازع وخلاصة ما استقرت