الأولى وهذا جهل بمقام موسى عليه السلام وكذا ما قيل : أنه لما رأى الأمر الهائل فر حيث لم يبلغ مقام ففروا إلى الله ولو بغله لم يفر وما قيل : أيضا لعله لما حصل له مقام المكالمة بقى فى قلبه عجب فاراه الله تعالى أنه بعد فى النقص الامكانى ولم يفارق عالم البشرية وما النصر والتثبيت إلا من عند الله تعالى وحده .
واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء اراد سبحانه أن يريه آية نفسية بعد أن اراه عليه السلام آية إفاقية كما قال سبحانه : سنريهم إياتنا فى الافاق وفى انفسهم وهذا من عنايته جل جلاله : وقد ذكروا فى هذه القصة نكات واشارات منها أنه سبحانه لما اشار إلى العصا واليمين بقوله تعالى : وما ذلك بيمينك حصل فى كل منهما برهان باهر ومعجز قاهر فصار أحدهما وهو الجماد حيوانا والأخر وهو الكثيف نورانيا لطيغا ثم أنه تعالى ينظر فى كل يوم ثلثمائة وستين نظرة إلى قلب العبد فاى عجب أن ينقلب قلبه الجامد المظلم حياء ستنيرا ومنها أن العصا قد استعدت بيمن يمين موسى عليه السلام للحياة وصارت حية فكيف لا يستعد قلب المؤمن الذى هو بين اصبعين من اصابع الرحمن للحياة ويصير حيا ومنها أن العصا باشارة واحدة صارت بحيث ابتلعت سحر السحرة فقلب المؤمن أولى أن يصير بمدد نظر الرب في كل يوم مرات بحيث يبتلع سحر النفس الامارة بالسوء ومنها أن قوله تعالى اولا اخلع نعليك إشارة إلى التخلية وتطهير لوح الضمير من الاغيار وما بعده إشارات إلى التحلية وتحصيل ما ينفى تحصيله واشار سبحانه إلى علم المبدأ بقوله تعالى اننى انا الله والى علم الوسط بقوله D فاعبدنى واقم الصلاة لذكرى وفيه إشارة إلى الأعمال الجسمانية والروحانية والى علم المعاد بقوله سبحانه ان الساعة اتية ومنها أنه تعالى افتتح الخطاب بقوله عز قائلا وانا اخترتك وهو غاية اللطف وختم الكلام بقوله جل وعلا فلا يصدنك عنها الى فتردى وهو قهر تنبيها على أن رحمته سبقت غضبه وان العبد لا بد أن يكون سلوكه عى قدمى الرجاء والخوف ومنها أن موسى عليه السلام كان في رجله شئ وهو النعل وفى يده شئ وهو العصا وارجل الة الهرب واليد الة الطلب فأمر بترك ما فيهما تنبيها على أن السالك ما دام فى مقام الطلب والهرب كان مشتغلا بنفسه وطالبا لحظه فلا يحصل له كمال الأستغراق فى بحر العرفان وفيه أن موسى عليه السلام مع جلالة منصبه وعلو شأنه لم يمكن له الوصول إلى حضرة الجلال حتى خلع النعل والقى العصا فانت مع الف وقر من المعاصى كيف يمكنك الوصول إلى جنابة وحضرته جل جلاله واستشكلت هذه الآيات من حيث انها تدل على أن الله تعالى خاطب موسى عليه السلام بلا واسطة وقد خاطب نبينا صلى الله عليه وسلّم بواسطة جبريل عليه السلام فيلزم مزية الكليم على الحبيب عليهما الصلاة والسلام والجواب أنه تعالى شأنه قد خاطب نبينا A أيضا بلا واسطة ليلة المعراج غاية ما فى البال أنه تعالى خاطب موسى عليه السلام فى مبدأ رسالته بلا واسطة وخاطب حبيبه E فى مبدأ رسالته بواسطة ولا يثبت بمجرد ذلك المزية على أن خطابه لحبيبه الأكرم A بلا واسطة كان مع كشف الحجاب ورؤيته E إياه على وجه لم يحصل لموسى عليه السلام وبذلك يجبر ما يتوهم فى تاخير الخطاب بلا واسطة عن مبدأ الرسالة وانظر إلى الفرق بين قوله تعالى عن نبينا A ما زاغ البصر وما طغى وقوله عن موسى عليه السلام قال هى عصاى الخ ترى الفرق واضحا بين الحبيب والكليم مع أن لكل رتبة التكريم صلى الله تعالى عليهما وسلم .
وذكر بعضهم أن في الآيات ما يشعر بالفرق بينهما أيضا عليهما الصلاة والسلام من وجه أخر وذلك