أنه صرح فيه بالحديث ويعلم من مجموع الحديثين أربع صفات للقلب الأحب اليه تعالى اللين وهو لقبول الحق والصلابة وهى لحفظه فالمراد بها صفة تجامع اللين والصفاء والرقة وهما لرويته واستواؤه تعالى على العرش بصفة الرحمانية دون الرحيمة للاشارة إلى أن لكل أحد نصيبا من واسع رحمته جل وعلا وان تجهر بالقول فانه يعلم السر واخفى قيل : السر أمر كامن فى القلب كمون النار فى الشجر الرطب حيث تثيره الأرادة لا يطلع عليه الملك ولا الشيطان ولا تحس به النفس ولا يشعر به العقل والاخفى ما فى باطن ذلك .
وعند بعض الصوفية السر لطيفه بين القلب والروح وهو معدن الأسرار الروحانية والخفى لطيفة بين الروح والحضرة الالهية وهو مهبط الأنوار الربانية وتفصيل ذلك فى محله وقد استدل بعض الناس بهذه الآيةعلى عدم مشروعية الجهر بالذكر والحق أنه مشروع بشرطه واختلفوا فى أنه هل هو افضل من الذكر الخفى اة الذكر الخفى افضل منه والحق فيما لم يرد نص على طلب الجهر فيه وما لم يرد نص على طلب الاخفاء فيه أنه يختلف الافضل فيه باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان فيكون الجهر افضل من الأخفاء تارة والأخفاء افضل أخرى وهل اتاك حديث موسى إذ رأى نارا قال الشيخ ابراهيم الكورانى عليه الرحمة فى تنبيه العقول : أن تلك النار كانت مجلى الله D وتجليه سبحانه فيها مراعاة للحكمة من حيث انها كانت مطلوب موسى عليه السلام واحتج على ذلك بحديث رواه عن ابن عباس رضى الله تعالى عنه وسنذكره أن شاء الله تعالى عند قوله تعالى فلما جاءها نودى أن بورك من فى النار ومن حولها الآية فاخلع نعليكاترك الالتفات إلى الدنيا والاخرة وسر مستغرق القلب بالكلية فى معرفة الله تعالى ولا تلتفت إلى ما سواه سبحانه انك بالوادى المقدس طوى وهو وادى قدس جلال الله تعالى وتنزه عزته D وقيل : النعلان إشارة إلى المقدمتين اللتين يتركب منهما الدليل لانهما يتوصل بهما العقل إلى المقصود كالنعلين يلبسهما الانسان فيتوصل بالمشى بهما إلى مقصوده كأنه قيل : لا تلتفت إلى المقدمتين ودع الاستدلال فانك فى وادى معرفة الله تعالى المفعم باثار الو هيته سبحانه فاعبدنى قدم هذا الأمر للاشارة إلى عظم شرف العبودية وثنى بقوله سبحانه واقم الصلاة لذكرى لأن الصلاة من اعلام العبودية ومعارج الحضرة القدسية .
وما تلك بيمينك يا موسى ايناس منه تعالى له عليه السلام فانه عليه السلام دهش لما تكلم سبحانه معه بما يتعلق بالالوهية فسأله عن شئ بيده ولا يكاد يغلط فيه ليتكلم ويجيب فتزول دهشته قيل وكذلك يعامل المؤمن بعد موته وذلك أنه إذا مات وصل إلى حضرة ذى الجلال فيعتريه ما يعتريه فيسأله عن الأيمان الذى كان بيده فى الدنيا ولا يكاد يغلط فيه فاذا ذكره زال عنه ما اعتره وقيل : أن الله تعالى لما عرفه كمال الالوهية اراد أن يعرفه نقصان البشرية فسأله عن منافع العصا فذكر بعضها فعرفه الله تعالى أن فيها ما هو اعظم نفعا مما ذكره تنبيها على أن القول قاصرة عن معرفة صفات الشئ الحاضر فلو لا التوفيق كيف يمكنه الوصول إلى معرفة اجل الأشياء واعظمها فالقاها فاذا هى حية تسعى فيه إشارة إلى ظهور اثر الجلال ولذلك خاف موسى عليه السلام فقال سبحانه خذها ولا تخف فهذا الخوف من كمال المعرفة لأنه لم يا من مكر الله تعالى ولو سبق منه سبحانه الايناس وفى بعض الآثار يا موسى لا تامن مكرى حتى تجوز الصراط .
وقيل : كان خوفه من فوات المنافع المعدودة ولذا علل النهى بقوله تعالى : سنعيدها سيرتها