وقيل : من يخشى هم العلماء لقوله تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء ولما كان العلم مظنة العجب والفخر ونحوهما ناسب أن يذكر صاحبه عظمة الله D ليكون ذلك سورا له مانعا من تطرق شئ مما ذكر الرحمن على العرش استوى العرش جسم عظيم خلقه الله تعالى كما قيل من نور شعشعانى وجعله موضع نور العقل البسيط الذى هو مشرق انوار القدم وشرفه بنسبة الأستواء الذى لا يكتنه وقيل : خلق من انوار اربعة مختلفة الالوان وهى انوار سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر ولذا قيل له الأطلس والى هذا ذهبت الطائفة الحادثة فى زماننا المسماة بالكشفية .
وذكر بعض الصوفية أن العرش إشارة إلى قلب المؤمن الذى نسبة العرش المشهور اليه كنسبة الخردلة إلى الفلاة بل كنسبة القطرة إلى البحر المحيط وهو محل نظر الحق ومنصه تجليه ومهبط أمره ومنزل تدليه وفي احياء العلوم بحجة الأسلام الغزالى قال الله تعالى لم يسعنى سمائى ولا ارضى ووسعنى قلب عبدى المؤمن اللين الوادع أي الساكن المطمئن وفى الرشده لصدر الدين القونوى قدس سره بلفظ ما وسعنى ارضى ولا سمائى ووسعنى قلب عبدى المؤمن التقى النقى الوادع وليس هذا القلب عبارة عن البضعة الصنوبرية فانها عند كل عاقل احقر من حيث الصورة أن تكون محل سره جل وعلا فضلا عن أن تسعه سبحانه وتكون مطمح نظره الاعلى ومستواه عز شأنه وهى وان سميت قلبا فانما تلك التسمية على سبيل المجاز وتسمية الصفة والحامل باسم الموصوف والمحمول بل القلب الانسانى عباره عن الحقيقة الجامعه بين الأوصاف والشؤن الربانية وبين الخصائص والأحوال الكونية الروحانية منها والطبيعية وتلك الحقيقة تنتشئ من بين الهيئة الاجتماعية الواقعه بين الصفات والحقائق الالهية والكونية وما يشتمل عليه هذان الأصلان من الأخلاق والصفات اللازمة وما يتولد من بينهما بعد الارتياض والتزكية والقلب الصنوبرى منزل تدلى الصورة الظاهرة من بين ما ذكرنا التى هى صورة الحقيقة القلبية ومعنى وسع ذلك للحق جل وعلا على ما فى مسلك الوسط الدانى كونه مظهرا جامعا للاسماء والصفات على وجه لا ينافى تنزيه الحق سبحانه من الحلول والاتحاد والتجزئه وقيام القديم بالحادث ونحو ذلك من الأمور المستحيلة عليه تعالى شأنه هذا لكن ينبغى أن يعلم أن هذا الخبر وان استفاض عند الصوفية قدست اسرارهم إلا أنه قد تعقبه المحدثون فقال العراقى : لم ار له أصلا .
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : هو مذكور في الاسرائيليات وليس اسناد معروف عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكانه اشار بما في الاسرائيليات إلى ما أخرجه الأمام احمد فى الزهد عن وهب ابن منبه قال : أن الله تعالى فتح السموات لحزقيل : حتى نظر إلى العرش فقال حزقيل : سبحانك ما اعظمك يا رب فقال الله تعالى : أن السموات والأرض ضعفن من أن يسعننى ووسعنى قلب عبدى المؤمن الوادع اللين .
نعم لذلك ما يشهد له فقد قال العلامه الشمس ابن القيم فى شفاء العليل ما نصه وفى المسند وغيره عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم القلوب انية الله تعالى فى ارضه فاحبها اليه اصلبها وارقها واصفاها انتهى .
ورى الطبرانى من حديث أبى عنبسة الخولانى رفعه ان لله تعالى انية من الأرض وانية ربكم قلوب عباده الصالحين واحبها اليه الينها وارقها وهذا الحديث وان كان فى سنده بقية بن الوليد وهو مدلس إلا