المتكلم لأن الحاكى هو المحكى عنه فمرجع الضميرين واحد وظاهر كلام ابن المنير اختيار هذا حيث قال بعد تقريره : وهذا وجه حسن رقيق الحاشية وهو اقرب الوجوه إلى الالتفات .
وانكر بعضهم أن يكون فيه التفات أو على أنه عليه السلام قاله من عنده بهذا اللفظغير مغير عند الحكاية وقوله : أخرجنامن باب قول خواص الملك امرنا وعمرنا وفعلنا وإنما يريدون الملك أو هو مسند إلى ضمير الجماعة بارادة أخرجنا نحن معاشر العبادبذلك الماء بالحراثة ازواجا من نبات شتى على ما قيل وليس فى أخرجنا على هذا وما قبله التفات ويحتمل أن يكون ذلك كلام موسى عليه السلام إلى قوله تعالى : ماء وما بعده كلام الله D اوصله سبحانه بكلام موسى عليه السلام حين الحكاية لنبينا صلى الله عليه وسلّم واللاولى عندى الأحتمال الأول بل يكاد يكون كالمتعين ثم الأحتمال الثانى ثم الأحتمال الثالث وسائر الأحتمالات ليس بشئ ووجه ذلك لايكاد يخفى وسياتى أن شاء الله تعالى فى الزخرف نحو هذه الآية والمهد فى الأصل مصدر ثم جعل اسم جنس لما يمهد للصبى ونصبه على أنه مفعول ثان لجعل أن كان بمعنى صير أو حال أن كان بمعنى خلق والمراد جعلها لكم كالمهد ويجوز أن يكون باقيا على مصدريته غير منقول لما ذكر والمراد جعلها ذات مهد أو ممهده أو نفس المهد مبالغة وجوز أن يكون منصوبا بفعل مقدر من لفظه أي مهدها مهدا بمعنى بسطها ووطاها والجملة حال من الفاعل أو المفعول وقرأ كثير مهادا وهو على ماقال المفضل كالمهد والمصدرية والنقل .
وقال أبو عبيد : المهاد اسم والمهد مصدر وقال بعضهم : هو جمع مهد ككعب وكعاب والمشهور فى جمعه مهود والمعنى على الجمع جعل كل موضع منها مهدا لكل واحد منكم وسلك لكم فيها سبلا أي حصل لكم طرقا ووسطها بين الجبال والأودية تسلكونها من قطر إلى قطر تقضوا منها مآربكم وتنتفعوا بمنافعها ومرافقها وللدلالة على أن الأنتفاع مخصوص بالانسان كرر لكم وذكره اولا لبيان أن المقصود بالذات من ذلك الأنسان وانزل من السماء من جهتها أو منها نفسها على ما فى بعض الآثار ماء هو المطر فأخرجنا به أي بذلك الماء وواسطته حيث أن الله تعالى اودع فيه ما اودع كما ذهب إلى ذلك الماتريدية وغيرهم من السلف الصالح لكنه لايؤثر إلا باذن الله تعالى كسائر الأسباب فلا ينافى كونه D هو المؤثر الحقيقى وإنما فعل ذلك سبحانه مع قدرته تعالى الكاملة على ايجاد ما شاء بلا توسيط شئ كما اوجد بعض الأشياء كذلك مراعاة للحكمة .
وقيل : به أي عنده واليه ذهب الاشاعرة فالماء كالنار عندهم فى أنه ليس فيه قوة الرى مقلا والنار كالماء فى انها ليس فيها قوة الاحراق وإنما الفرق بينهما فى أن الله تعالى قد جرت عادته أن يخلق الرى عند شرب الماء والاحراق عند مسيس النار دون العكس وزعموا أن من قال : أن فى شئ من الأسباب قوة تاثير اودعها الله تعالى فيه فهو إلى الكفر افرب منه إلى الأيمان وهو لعمرى من المجازفة بمكان .
والظاهر أن يقال : فأخرج إلا أنه التفت إلى التكلم للتنبيه على ظهور ما فيه من الدلالة على كمال القدرة والحكمة بواسطة أنه لا يسند إلى العظيم إلا أمر عظيم والايذان بأنه لا يتاتى إلا من قادر مطاع عظيم الشأن ينقاد لأمره ويذعن لمشيئته الأشياء المختلفة فان مثل هذا التعبير يعبر به الملوك والعظماء النافذ أمرهم ويقوى