تولى فقد عذب حسبما نطق به قوله تعالى والسلام الخ وقيل : أنه متعلق بقوله سبحانه انا قد أوحى الينا الخ أي إذا كان الأمر كذلك فما بال القرون الأولى كذبوا ثم ما عذبوا وقيل : هو متعلق به والسؤال عن البعث والضمير فى علمها للقيامة وكلا القولين كما ترى وعود الضمير على القيامة ادهى من أمر التعليق وأمر .
وقيل : أنه متعلق بجواب موسى عليه السلام اعتراضا على ما تضمنه من علمه تعالى بتفاصيل الأشياء وجزئياتها المستتبع احاطة قدرته جل وعلا بالأشياء كلها كأنه قيل : إذا كان علم الله تعالى كما اشرت فما تقول في القرون الخالية مع كثرتهم وتمادى مدتهم وتباعد أطرافهم كيف احاطة علمه تعالى بهم وباجزائهم وأحوالهم فأجاب بأن علمه تعالى محيط بذلك كله إلى أخر ما قص الله تعالى وتخصيص القرون الأولى على هذا بالذكر مع أولوية التعميم قيل لعلم فرعون ببعضها وبذلك يتمكن من معرفة صدق موسى عليه السلام : أن بين احوالها وقيل : أنه لالزام موسى عليه السلام وتبكيته عند قومه في أسرع وقت لزعمه أنه لو عمم ربما اشتغل موسى عليه السلام بتفصيل علمه تعالى بالموجودات المحسوسة الظاهرة فتطول المدة ولا يتمشى ما اراده واياما كان يسقط ما قيل : أنه يابى هذا الوجه تخصيص القرون الأولى من بين الكائنات فانه لو اخذها بجملتها كان أظهر وأقوى في تمشى ما اراد نعم بعد هذا الوجه مما لا ينبغى أن ينكر وقيل : أنه اعتراض عليه بوجه أخر كأنه قيل : إذا كان ما ذكرت من دليل إثبات المبدأ في هذه الغاية من الظهور فما بال القرون الأولى نسوه سبحانه ولم يؤمنوا به تعالى فلو كانت الدلالة واضحة وجب عليهم أن لا يكونوا غافلين عنها وماله على ما قال الأمام معارضة الحجة بالتقليد وقريب منه ما يقال أنه متعلق بقوله ثم هدى على التفسير الأول كأنه قيل : إذا كان الأمر كذلك فما بال القرون الأولى لم يستدلوا بذلك فلم يؤمنوا وحاصل الجواب على القولين أن ذلك من سر القدر وعلمه عند ربى جل شأنه في كتاب الظاهر أنه خبر ثان لعلمها والخبر الأول عند ربى .
وجوز أن يكونا خبرا واحدا مثل هذا حلو حامض وان يكون الخبر عند ربى و في كتاب في موضع الحال من الضمير المستتر في الظرف أو هو معمول له وان يكون الخبر في كتاب وعند ربى في موضع الحال من الضمير المستتر فيه والعامل الظرف وهو يعمل متأخرا على رأى الأخفش وقيل : يكون حالا من المضاف اليه في علمها وقيل : يكون ظرفا للظرف الثاني وقيل : هو ظرف للعلم ذكر جميع ذلك أبو البقاء ثم قال : ولا يجوز أن يكون في كتاب متعلقا بعلمها وعند ربى الخبر لأن المصدر لا يعمل فيما بعد خبره .
وانت تعلم أن أول الأوجه هو الأوجه وكانه عنى عليه السلام بالكتاب اللوح المحفوظ أي علمها مثبت في اللوح المحفوظ بتفاصيله وهذا من باب المجاز إذ المثبت حقيقة إنما هو النقوش الدالة على الالفاظ المتضمنة شرح أحوالهم المعلومة له تعالى وجوز أن يكون المراد بالكتاب الدفتر كما هو المعروف في اللغة ويكون ذلك تمثيلا لتمكنه وتقرره في علمه D بما استحفظه العالم وقيده بكتبته فى جريدة ولعله أولى ويلوح اليه قوله تعالى لا يضل ربى ولا ينسى .
52 .
- فان عدم الضلال والنسيان اوفق باتقان العلم والظاهر أن فيه على الوجهين دفع توهم الأحتياج لأن الأثبات في الكتاب إنما يفعله من يفعله لخوف النسيان والله تعالى منزه عن ذلك والأثبات في اللوح المحفوظ لحكم ومصالح يعلم بعضها العالمون وقيل : أن هذه الجملة على الأول تكميل لدفع ما يتوهم من أن الأثبات فى اللوح للاحتياج لاحتمال خطأاو نسيان تعالى الله سبحانه عنه وعلى