الطغاة ويعلم من ذلك أن الأمر بالانة القول ليس لحق التربية كما قيل والمعنى كما قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما : لاتعنفاه فى قولكماوارفقا به فى الدعاء ويتحقق ذلك بعبارات شتى منها ماسيأتى أن شاء الله تعالى قريبا وهو إنا رسولا ربك الخ ومنها ما فى النازعات وهو هل لك إلى أن تزكى واهديك إلى ربك فتخشى وهذا ظاهر غاية الظهور فى الرفق فى الدعاء فانه فى صورة العرض والمشورة وقيل : كنياه واستدل به على جواز تكنية الكافر وروى ذلك عن على كرم الله تعالى وجهه وابن عباس رضى الله تعالى عنهما ايضا وسفيان الثورى وله كنى اربع أبو الوليد وابو مصعب وابو العباس وابو مرة وقيل : عداه شبابا لايهرم بعده وملكا لاينزع منه إلا بالموت وان يبقى له لذة المطعم والمشرب والنكح إلى حين موتهوعن الحسن قولا له : أن لك ربا وان لك معادا وان بين يديك جنة ونارا فآمن بالله تعالى يدخلك الجنة ويقك عذاب النار وقيل : أمرهما سبحانه بأن يقدما له الوعد على الوعيد من غير تعيين قول كما قيل : أقدم بالوعد قبل الوعيد لينهى القبائل جهالها وروى عن عكرمة أن القول اللين لا إلة إلا الله ولينه خفته على اللسان وهذا ابعد الأقوال واقربها الأول وكان الفضل بن عيسى الرقاشى إذا تلا هذه الآية قال : يا من يتحبب إلى من يعاديه فكيف بمن يتولاه ويناديه وقرأت عند يحيى بن معاذ فبكى وقال : إلهى هذا رفقك بمن يقول انا الاله فكيف رفقك بمن يقول انت الله وفيها دليل على استحباب الانة القول للظالك عند وعظه لعله يتذكر ويتامل فيبذل النصفة من نفسه والاذعان للحق فيدعوه ذلك إلى الأيمان او يخشى .
44 .
- أن يكون الأمر كما تصفان فيجره انكاره إلى الهلكة وذلك يدعوه إلى الأيمان أيضا إلا أن الأول للراسخين ولذا قدم وقيل : يتذكر حاله حين احتبس النيل فسار إلى شاطئه وابعد وخر لله تعالى ساجدا راغبا أن لا يخجله ثم ركب فاخذ النيل يتبع حافز فرسه فيستدل بذلك على عظيم حلم الله تعالى وكرمه أو يخشى ويحذر من بطش الله تعالى وعذابه سبحانه والمعول على ما تقدم .
ولعل للترجى وهو راجع للمخاطبين والجملة في محل النصب حال من ضميرها في قولا أي فقولا له قولا لينا راجين أن يتذكر أو يخشى وكلمة أو بمنع الخلو .
وحاصل الكلام باشرا الأمر مباشرة من يرجو ويطمع أن يثمر عمله ولا يخيب سعيه فهو يجتهد بطبعه ويحتشد باقصى وسعه وقيل : حال من ضميرهما اذهبا والأول أولى وقيل : لعل هنا للاستفهام أي هل يتذكر أو يخشى وأخرج ذلك ابن المنذر وابن أبى حاتم عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قيل : وهو القول اللين وأخرج ذلك مخرج قولك : لقل لزيد هل يقوم .
وقال الفراء : هي هنا بمعنى كى التعليلية وهى أحد معانيها كما ذهب اليه جماعة منهم الأخفش والكسائى بل حكى البغوى عن الواقدى أن جميع ما في القرآن من لعل فانها للتعليل إلا قوله تعالى لعلكم تخلدون فان للتشبيه كما في صحيح البخارى وأخرج ابن أبى حاتم من طريق السدى عن أبى مالك قال : لعل في القرآن بمعنى كى غير آية في الشعراء لعلكم تخلدون فان المعنى كانكم تخلدون وأخرج عن قتادة أنه قال : قرئ كذلك ولا يخفى أن كونها للتشبيه غريب لم يذكره النحاة وحملها على الأستفهام هنا بعيد ولعل التعليل اسبق إلى كثير من الاذهان من الترجى لكن الصحيح كما في البحر أنها للترجى وهو المشهور من معانيها وقيل : أن