العصا ونزع اليد وقال : فذانك برهانان وقال بعضهم : أنهما وان كانتا اثنتين لكن في كل منهما ايات شتى كما في قوله تعالى : ايات بينات مقام ابراهيم فان انقلاب العصا حيوانا آية وكونها ثعبانا عظيما لا يقادر قدره آية أخرى وسرعة حركته مع عظم جرمه إية أخرى وكونه مع ذلك مسخرا له عليه السلام بحيث يده في فمه فلا يضره آية أخرى ثم انقلابها عصا كما كانت آية أخرى وكذلك اليد البيضاء فان بياضها في نفسه آية وشعاعها آية ثم رجوعها إلى حالتها الأولى آية أخرى وقيل : المراد بها ما أعطى عليه السلام من معجزة ووحى واذي يميل اليه القلب أنه العصا واليد لما سمعت من المؤيد مع ما تقدم من أنه تعالى بعد ما أمره بالقاء العصا واخذها بعد انقلابها حية قال سبحانه : واضم يدك إلى جناحيك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى ثم قال سبحانه : اذهب إلى فرعون أنه طغى من غير تنصيص على غير تلك الآيتين ولا تعرض لوصف حل العقدة ولا غيره بكونه آية ثم أن الباء للمصاحبة لا للتعدية إذ المراد ذهابهما إلى فرعون ملتبسين بالايات متمسكين بها في اجراء احكام الرسالة واكمال الدعوة ولا مجرد اذهابها وايصالها اليه وهذا ظاهر في تحقق الآيات إذ ذاك واكثر التسع لم يتحقق بعد .
ولاتينا من الونى بمعنى الفتور وهوفعل لازم وإذا عدى عدى بفى وبعن وزعم بعض البغداديين أنه فعل ناقص من اخوات زال وبمعناها واختاره ابن مالك وفى الصحاح فلان لا ينى يفعل كذا أي لا يزال يفعل كذا وكان هذا المعنى مأخوذ من نفى الفتور وقرا ابن وثاب ولاتنيا بكسر التاء اتباعه لحركة النون وفي مصحف عبد الله لاتهنا وحاصله أيضا لا تفترا في ذكرى .
42 .
- بما يليق بى من الصفات الجليلة والأفعال الجميلة عند تبليغ رسالتى والدعاء إلى عبادتى وقيل : المعنى لا تنيا في تبليغ رسالتى فان الذكر يقع مجازا على جميع العبادات وهو من اجلها واعظمها وروى ذلك عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وقيل : لا تنسيانى حيثما تقلبتما واستمدا به العون والتاييد واعلما أن امرا من الأمور لا يتاتى ولا يتسنى إلا بذكرى .
وجمع هرون مع موسى عليه السلام في صيغة نهى الحاضر بناء على القول بغيبته إذ ذاك للتغلب ولا بعد في ذلك كما لا يخفى وكذا جمعه في صيغة أمر الحاضر بناء على ذلك أيضا قوله تعالى إذهبا إلى فرعون أنه طغى .
43 .
- وروى أنه أوحى إلى هرون وهو بمصر أن يتلقى موسى عليهما السلام وقيل : الهم ذلك وقيل : سمع باقباله فتلقاه ويحتمل أنه ذهب إلى الطور واجتمعا هناك فخوطبا معا ويحتمل أن هذا الأمر بعد اقبال موسى عليه السلام من الطور إلى مصر واجتماعه بهرون عليه السلام مقبلا اليه من مصر وفوق بعضهم بين هذا وقوله تعالى اذهب انت واخوك بأنه لم يبين هناك من يذهب اليه وبين هنا وبعض أخر بأنه أمرا هنا بالذهاب إلى فرعون وكان الأمر هناك بالذهاب إلى عموم أهل الدعوة وبعض أخر بأنه لم يخاطب هرون هناك وخوطب هنا وبعض أخر بأن الأمر هناك بذهاب كل منهما على الأنفراد نصا أو احتمالا والأمر هنا بالذهاب على الاجتماع نصا ولا يخفى ما في بعض هذه الفروق من النظر والفرق ظاهر بين هذا الأمر والأمر في قوله تعالى اولا خاطابا لموسى عليه السلام اذهب إلى فرعون أنه طغى فقولا له قولا لينا قرا أبو معاذ لينا بالتخفيف والفاء لترتيب ما بعدها على طغيانه فان تليين القول مما يكسر سورة عناد العتاة ويلين قسوة