من فنون الفتون في تضاعيف مدة اللبث وهى فيما قيل عشر سنين وقال وهب : ثمان وعشرون سنة أقام في عشر منها يرعى غنم شعيب عليه السلام مهرا لابنته وفي ثمان عشرة مع زوجته وولد له فيها وهو الأوفق بكونه عليه السلام نبئ على رأس الأربعين إذا قلنا بأن سنه عليه السلام حين يخرج إلى مدين اثنتا عشرة سنة ومدين بلدة شعيب عليه السلام على ثمان مراحل من مصر .
ثم جئت أي إلى المكان الذى ناديتك فيه وفي كلمة التراخى ايذان بأن مجيئه عليه السلام كان بعد اللتيا والتي من ضلال الطريق وتفرق الغنم في الليلة المظلمة الشاتية وغير ذلك على قدر أي تقدير والمراد به المقدر أي جئت على وفق الوقت الذى قدرته وعينته لتكليمك واستنبائك بلا تقدم ولا تأخر عنه وقيل : هو بمعنى المقدر أي جئت على مقدار من الزمان يوحى فيه إلى الأنبياء عليهم السلام وهو رأس اربعين سنة .
وضعف بأن المعروف في هذا المعنى القدر بالسكون لا التحريك وقيل : المراد على موعد وعدناكه وروى ذلك عن مجاهد وهو يقتصى تقدم الوعد على لسان بعض الأنبياء عليهم السلام وهو كما ترى وقوله تعالى يا موسى .
40 .
- تشريف له عليه السلام وتنبيه على انتهاء الحكاية التي هي تفصيل المرة الأخرى التي وقعت قبل المرة المحكية اولا وقوله سبحانه واصطنعتك لنفسى .
41 .
- تذكير لقوله تعالى وانا اخترتك وتمهيد لارساله عليه السلام إلى فرعون مؤيدا باخيه حسبما استدعاه بعد تذكير المنن السابقة تاكيدا لوثوقه عليه السلام بحصول نظائرها اللاحقة ونظم ذلك الأمام في سلك المنن المحكية وظاهر توسيط النداء يؤيد ما تقدم والاصطناع افتعال من الصنع بمعنى الصنيعة وهى الاحسان فمعنى اصطنعه جعله محل صنيعته واحسانه وقال القفال : يقال اصطنع فلان فلانا إذا احسن اليه حتى يضاف اليه فقال : هذا صنيع فلان وخريجه ومعنى لنفسى ما روى عن ابن عباس لوحيى ورسالتى وقيل : لمحبتى وعبر عنها بالنفس لأنها أخص شئ بها وقال الزجاج : المراد اخترتك لأقامة حجتى وجعلتك بينى وبين خلقى حتى صرت في التبليغ عنى بالمنزلة التي اكون انا بها لو خاطبتهم واحتجبت عليهم وقال غير واحد من المحققين : هذا تمثيل لما خوله D من جعله نبيا مكرما كليما منعما عليه بحلائل النعم بتقريب الملك من يراه أهلا لأن يقرب فيصطنعه بالكرامة والاثرة ويجعله من خواص نفسه وندمائه ولا يخفى حسن هذه الاستعارة وهى أوفق بكلامه تعالى وقوله تعالى لنفسى عليها ظاهر .
وحاصل المعنى جعلتك من خواصى واصطفيتك برسالتى وبكلامى وفي العدول عن نون العظمة الواقعة في قوله سبحانه وفتناك ونظيريه السابقين تمهيد لأفراد النفس اللائق بالمقام فانه ادخل في تحقيق معنى الاصطناع والاستخلاص وقوله تعالى اذهب انت واخوتك باياتى استئناف مسوق لبيان ما هو المقصود بالاصطناع واخوك فاعل بفعل مضمر أي وليذهب اخوك حسبما استدعيت وقيل : معطوف على الضمير المستتر المؤكد بالضمير البارز ورب شئ يصح تبعا ولا يصح استقلالا .
والايات المعجزات والمراد بها في قول اليد والعصا وحل العقدة وعن ابن عباس الآيات التسع وقيل : إلا ولان فقط واطلاق الجمع على الاثنين شائع ويؤيد ذلك أن فرعون لما قال له عليه السلام : فات با أية القى