بينهما حرمة المؤاكلة فلما دعاه قال : إلى أي رب تدعونى قال : إلى الذي ابرا يدى وقد عجزت عنه وكان الظاهر على هذا أن يطرح عليه السلام النار من يده ولا يوصلها إلى فيه ولعله لم يحس بالالم إلا بعد أن اوصلها فاه أو احس لكنه لم يفرق بين القائها في الأرض والقائها في فمه وكل ذلك بتقدير الله تعالى ليقضى الله امرا كان مفعولا وقيل : كانت العقدة في لسانه عليه السلام خلقة وقيل : أنها حدثت بعد المناجاة وفيه بعد .
واختلف في زوالها بكمالها فمن قال به كالحسن تمسك بقوله تعالى قد أوتيت سؤلك يا موسى من لم يقل به كالجبائى احتج بقوله تعالى هو افصح منى وقوله سبحانه ولا يكاد يبين .
وبما روى أنه كان في لسان الحسين رضى الله تعالى عنه رتة وحبسة فقال النبى صلى الله عليه وسلام فيه : أنه ورثها من عمه موسى عليه السلام وأجاب عن الأول بأنه عليه السلام لم يسأل حل عقدة لسانه بالكلية بل عقدة تمنع الافهام ولذلك نكرها ووصفها بقوله من لسانى ولم يضفها مع أنه اخصر ولا يصلح ذلك للوصفية إلا بتقدير مضاف وجعل من تبعيضية أي عقدة كائنة من عقد لسانى فان العقدة للسان لا منه وجعل قوله تعالى : يفقهوا قولى .
28 .
- جواب الطلب وغرضا من الدعاء فبحلها من الجملة يتحقق ايتاء سؤله عليه السلام واعترض على ذلك بأن قوله تعالى هو افصح منى قال عليه السلام قبل استدعاء الحل على أنه شاهد على عدم بقاء اللكنة لأن فيه دلالة على أن موسى عليه السلام كان فصيحا غايته أن فصاحة اخيه اكثر وبقية اللكنة تنافى الفصاحة اللغوية المرادة هنا بدلالة قوله لساناويشهد لهذه المنافاة ما قاله ابن هلال في كتاب الصناعتين : الفصاحة تمام إلة البيان ولذا لا يقال : لله تعالى فصيح وان قيل لكلامه سبحانه فصيح ولذلك لا يسمى الالثغ والتمتام فصيحين لنقصان إلتهما عن اقامة الحروف وبان قوله تعالى ولا يكاد يبين معناه لا ياتى ببيان وحجة وقد قال ذلك اللعين تمويها ليصرف الوجوه عنه عليه السلام ولو كان المراد نفى البيان وافهام الكلام لاعتقال اللسان لدل على عدم زوال العقدة اصلا ولم يقل به أحد وبانا لا نسلم صحة الخبر وبان تنكير عقدة يجوز أن يكون لقلتها في نفسها ومن يجوز تعلقها باحلل كما ذهب اليه الحوفى واستظهره أبو حيان فان المحلول إذا كان متعلقا بشئ ومتصلا به فكما يتعلق الحل به يتعلق بذلك الشئ أيضا باعتبار ازالته عنه أو ابتداء حصوله منه وعلى تقدير تعلقها بمحذوف وقع صفة لعقدة لا نسلم وجوب تقدير مضاف وجعل من تبعيضية ولا مانع من أن تكون بمعنى في ولا تقدير أي عقدة في لسانى بل قيل : ولا مانع أيضا من جعلها ابتدائية مع عدم التقدير واى فساد في قولنا : عقدة ناشئة من لسانىوالحاصل أن ما استدل به على بقاء عقدة ما في لسانه عليه السلام وعدم زوالها بالكلية غير تام لكن قال بعضهم : أن الظواهر تقتضى ذلك وهى وهى تكفى في مثل هذه المطالب وثقل ما في اللسان لا يخفف قدر الانسانوقد ذكر أن في لسان المهدى المنتظر رضى الله تعالى عنه حبسة وربما يتعذر عليه الكلام حتى يضرب بيده اليمنى فخذ رجله اليسرى وقد بلغك ما ورد في فضله وقال بعضهم : لا تقاوم فصاحة الذات اعراب الكلمات وأنشد قول القائل : سر الفصاحة كامن في المعدن لخصائص الأرواح لا للالسن وقول الاخر : لسان فصيه معرب في كلامه فيا ليته في موقف الحشر يسلم وما ينفع الاعراب أن لم يكن تقى وما ضر ذا تقوى لسان معجم