الشدائد وفي طلب ذلك اظهار لكمال الافتقار اليه D واعراض عن الانانية بالكلية : ويحسن اظهار التجلد للعدا ويقبح إلا العجز عند الاحبة وذكر الراغب أن اصل الشرح البسط ونحوه وشرح الصدر بسطه بنور الهى وسكينة من جهة الله تعالى وروح منه D ولهم فيه عبارات اخرى لعل بعضها سياتى أن شاء الله تعالى في باب الاشارة وقال بعضهم : أن هذا القول معلق بما خاطبه الله تعالى به من لدن قوله سبحانه انى انا ربك فاخلع نعليك إلى هذا المقام فيكون قد طلب عليه السلام شرح الصدر ليقف على دقائق المعرفة واسرار الوحى ويقوم بمراسم الخدمة والعبادة على اتم وجه ولا يضجر من شدائد التبليغ وقيل : أنه عليه السلام لما نصب لذلك المنصب العظيم وخوطب بما خوطب في ذلك المقام احتاج إلى تكاليف شاقة من تلقى الوحى والمواظبة على خدمة الخالق سبحانه وتعالى واصلاح العالم السفلى فكانه كلف بتدبير العالمين والالتفات إلى أحدهما يمنع من الاشتغال بالأخر فسأل شرح الصدر حتى يفيض عليه من القوة ما يكون وافيا بضبط تدبير العالمين وقد يقال : أن الأمر بالذهاب إلى فرعون قد انطوى فيه الاشارة إلى منصب الرسالة المستتبع تكاليف لائقة به منها ما هو راجع إلى الحق ومنها ما هو منوط بالخلق وقد استشعر موسى عليه السلام كل ذلك فبسط كف الضراعة لطلب ما يعينه على اداء ذلك على اكمل وجه فلا يتوقف تعميم شرح الصدر على تعلقه بأول الظلام كما لا يخفى ثم أن الصدر عنه علماء الرسوم يراد منه القلب لأنه المدرك أو مما به الادراك والعلاقة ظاهرة .
ولعلماء القلوب كلام في ذلك سياتى أن شاء الله تعالى في باب الاشارة مع بعض ما اكنب به الامام في تفسير هذه الآية وفي ذكر كلمة لى مع انتظام الكلام بدونها تاكيد لطلب الشرح والتيسير بابهام المشروح والميسر اولا وتفسيرهما ثانيا فانه لما قال اشرح لى علم أن ثم مشروحا يختص به حتى لو اكتفى لتم فاذا قيل صدرى افاد التفسير والتفصيل أما لو قيل اشرح واكتفى به فلا وكذا الكلام في يسر لى وقيل : ذكر لى لزيادة الربط كما في قوله تعالى اقترب للناس حسابهم وتعقب بأنه لا منافاة وهو الذي افاد هذا المعنى وفي الانتصاف أن فائدة ذكرها الدلالة على أن منفعة شرح الصدر راجعة اليه فانه تعالى لا يبالى بوجوده وعدمه وقس عليه يسر لى امرى واحلل عقدة من لسانى .
27 .
- روى أنه كان في لسانه عليه السلام رتة من جمرة ادخالها فاه في صغره .
وذلك أن فرعون حمله ذات يوم فاخذ خصله من لحيته لما كان فيها من الجواهر وقيل : لطمه وقيل : ضربه ضربه بقضيب في يده على رأسه فتطير فدعا بالسياف فقالت اسية بنت مزاحم أمراته وكانت تحب موسى عليه السلام : إنما هو صبى لا يفرق بين الياقوت والجمر فاحضرا واراد أن يمد يده إلى الياقوت فحول جبريل عليه السلام يده إلى الجمرة فاخذها فوضعها في فيه فاحترق لسانه .
وفي هذا دليل على فساد قول القائلين بأن النار تحرق بالطبيعة من غير مدخلية لاذن الله تعالى في ذلك إذ لو كان الأمر كما زعموا لأحرقت يده وذكر في حكمة إذن الله تعالى لها باحراق لسانه دون يده أن يده صارت الة لما ظاهره الاهانة لفرعون ولعل تبييضها كان لهذا أيضا وان لسانه كان إلة لضد ذلك بناء على ما روى أنه عليه السلام دعاه بما يدعو به الاطفال الصغار ابائهم وقيل : احترقت يده عليه السلام أيضا فاجتهد فرعون في علاجها فلم تبرأ ولعل ذلك لئلا يدخلها عليه السلام مع فرعون في قصة واحدة فتفقد