العصا بالكبر لا ينبغى أن يعول عليه ويعتذر بأن عدم الوصف للظهور مع ظهور الاحتمال الذى لا يحتاج معه إلى الاعتذار عن ذلك المقال فتامل والله تعالى العاصم من الزلل اذهب إلى فرعون تخلص إلى ما هو المقصد من تمهيد المقدمات السالفة فصل عما قبله من الاوأمر ايذانا باصالته أي اذهب اليه بما رايته من آياتنا الكبرى وادعه إلى عبادتى وحذره نقمتى .
وقوله تعالى انه طغى .
24 .
- تعليل للأمر أو لوجوب المامور به أي جاوز الحد في التكبر والعتو والتجبر حتى تجاسر على العظيمة التى هي دعوى الربوبية قال وهب بن منبه : أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام : ادن فلم يزل يدنيه حتى شد ظهره بجذع الشجرة فاستقر وذهبت عنه الرعدة وجمع يده في العصا وخضع برأسه وعنقه ثم قال له بعد أن عرفه نعمته تعالى عليه : انطلق برسالتى فانك بعينى وسمعى وان معك ايدى ونصرى وانى قد البستك جنة من سلطانى تستكمل بها القوة في امرى فانت جند عظيم من جنودى بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقى بطر نعمتى وآمن مكرى وغرته الدنيا حتى جحد حقى وانكر ربوبيتى وعبد من دمنى وزعم أنه لا يعرفنى وانى لأقسم بعزتى لو لا العذر والحجة اللذان وضعت بينى وبين خلقى لبطشت به بطشة جبار يغضب لغضبه السموات والارض والجبال والبحار فان أمرت السماء حصبته وان أمرت الأرض لبتلعته وان أمرت البحار غرقته وان أمرت الجبال دمرته ولكنه هان على وسقط من عينى ووسعه حلمى واستغنيت بما عندى وحق لى انى انا الغنى لا غنى غيري فبلغه رسالتى وادعه إلى عبادتى وتوحيدى واخلاص اسمى وذكره بايامى وحذره نقمتى وباسى واخبره أنه لا يقوم شئ لغضبى وقل له فيما بين ذلك قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى واخبره انى إلى العفو والمغفرة اسرع منى إلى الغضب والعقوبة ولا يروعنك ما البسته من لباس الدنيا فان ناصيته بيدى ليس بطرف ولا ينطق ولا يتنفس إلا باذنى وقل له : اجب ربك فانه واسع المغفرة وانه قد امهلك اربعمائة سنة في كلها انت مبارزه بالمحاربة تتشبه وتتمثل به وتصد عباده عن سبيله وهو يمطر عليك السماء وينبت لك الأرض لم تسقم ولم تهرم ولم تفتقر ولم تغلب ولو شاء أن يفعل ذلك بك فعل ولكنه ذو اناة وحلم عظيم في كلام طويل .
وفي بعض الروايات أن الله تعالى لما امره عليه السلام بالذهاب إلى فرعون سكت سبعة ايام وقيل : اكثر فجاءه ملك فقال : انفذ ما امرك ربك وفي القلب من صحة ذلك شئ قال استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قال موسى عليه السلام حين قيل له ما قيل فاجاب بأنه قال : رب اشرح لى صدرى .
25 .
- ويسر ويسر لى امرى .
26 .
- الظاهر أنه متعلق بقوله تعالى اذهب إلى فرعون الخ وذلك أنه عليه السلام علم من الأمر بالذهاب اليه والتعليل بالعلة المذكورة أنه كلف امرا عظيما وخطبا جسيما يحتاج معه إلى احتمال ما لا يحتمله إلا ذو جاش رابط وصدر فسيح فاستوهب ربه تعالى أن يشرح صدره ويجعله حليما حمولا يستقبل ما عسى أن يرد عليه في طريق التبليغ والدعوة إلى مر الحق من الشدائد التى يذهب معها صبر الصابر بجميل الصبر وحسن الثبات وان يسهل عليه مع ذلك امره الذى هو أجل الأمور وأعظمها وأصعب الخطوب وأهولها بتوفيق الأسباب ورفع الموانع فالمراد من شرح الصدر جعله بحيث لا يضجر ولا يقلق ما يقتضى بحسب البشرية الضجر والقلق من