ويحتمل أن يكون لعود غلبة الدهشة اليه عليه السلام وزعم بعضهم أنه تعالى سأله عليه السلام ليقرره على أنها خشبة حتى إذا قلبها حية لا يخافها وليس بشئ وعلى جميع هذه الأقوال السؤال واحد والجواب واحد كما هو الظاهر وقيل : اتوكؤا عليها الخ جواب لسؤال آخر وهو أنه لما قال : هي عصاى قال له تعالى : فما تصنع بها فقال : اتوكؤا عليها الخ وقيل : إنه تعالى سأله عن شيئين عن العصا بقوله سبحانه وما تلك وعما يملكهه منها بقوله D : بيمينك فاجاب عليه السلام عن الأول بقوله : هى عصاى وعن الثانى بقوله : اتؤكوا عليها الخ ولايخفى أن كلا القولين لاينبغي أن يتوكأ عليهما لاسيما الاخير .
هذا واستدل بالاية على استحباب التوكؤ على العصا وان لم يكن الشخص بحيث تكون وترا لقوسه وعلى استحباب الاقتصاد في المرعى بالهش وهو ضرب الشجر ليسقط الورق دون الاستئصال ليخلف فينتفع به الغير .
وقد ذكر الامام فيها فوائد سنذكر بعضها في باب الاشارة لأن ذلك اوفق به قال استئناف مبني على سؤال ينساق اليه الذهن كأنه قيل : فماذا قال الله D فقيلقال : القها يا موسى .
19 .
- لترى من شأنها ماترى والالقاء الطرح على الارض ومنه قوله : فالقت عصاها واستقرت بها النوى كما قرى عينا بالاياب المسافر وتكرير النداء لمزيد التنبيه والاهتمام بشأن العصا وكون قائل هذا هو الله تعالى هو الظاهر وزعم بعضهم أنه يجوز أن يكون القائل الملك بأمر الله تعالى وقد ابعد غاية البعد فالقيها ريثما قيل له القها فاذا هى حية تسعى .
20 .
- تمشى وتنتقل بسرعة والحية اسم جنس ينطلق على الصغير والكبير والانثى والذكر وقد انقلبت حين القاها عليه السلام ثعبانا وهو العظيم من الحيات كما يفصح عنه قوله تعالى : فاذا هى ثعبانمبين وتشبيهها بالجان وهو الدقيق منها في قوله سبحانه : فلما رآها تهتز كأنها جان من حيث الجلادة وسرعة الحركة لا من حيث صغر الجثة فلا منافاة وقيل : أنها انقلبت حين القاها عليه السلام حية صفراء في غلظ العصا ثم انتفخت وغلظت فلذلك شبهت بالجان تارة وسميت ثعبانا اخرى وعبر عنها بالاسم العام للحالين والأول هو الاليق بالمقام مع ظهور اقتضاء الآية التي ذكرناها له وبعدها عن التأويل وقد روى الاكمام احمد وغيره عن وهب أنه عليه السلام حانت منه نظرة بعد أن القاها فاذا باعظم ثعبان نظر اليه الناظرون يرى يلتمس كأنه يبتغى شيئا يريد اخذه يمر بالصخرة مثل الخلفة من الابل فيلتقمها ويطعن بالناب من انيابه في اصل الشجرة العظيمة فيجتثها عيناه توقيدان نارا وقد عاد المحجن عرفا فيه شعر مثل النيازك وعاد الشعبتان فما مثل القليب الواسع فيه اضراس وانياب لها صريف .
وفي بعض الآثار أن بين لحييه اربعين ذراعا فلما عاين ذلك موسى عليه السلام ولى مدبرا ولم يعقب فذهب حتى امعن ورأى أنه قد اعجز الحية ثم ذكر ربه سبحانه فوقف استحياء منه D ثم نودى يا موسى إلى ارجع حيث كنت فرجع وهو شديد الخوف فأمره سبحانه وتعالى باخذها وهو ما قص الله تعالى بقوله عز قائلا قال أي الله D والجملة استئناف كما سبق خذها أي الحية وكانت على ما روى عن ابن عباس ذكرا وعن وهب أنه تعالى قال له : خذها بيمينك ولا تخف منها ولعل ذلك الخوف