ونقل الاهوازى في كتاب الاقناع عن الزهر وشيبه أنهما قرأ مارب بغير همز وكأنه يعنى بغير همز محقق ومحصله أنهما سهلا الهمزة بين بين وقد روى الامام احمد وغيره عن وهب في تعين هذه المآرب أنه كان لها شعبتان ومحجم تحتهما فاذا طال الغصن حناه بالمحجم وإذا اراد كسره لواه بالشعبتين وكان إذا شاء عليه السلام القاها على عاتقه فعلق بها قوسه وكنانته ومخلاته وثوبه وزادا أن كان معه وكان إذا رتع في البريه حيث لا ظل له ركزها ثم عرض بالزندين الزند الاعلى والزند السفلى على شعبتيها والقى فوقها كساءه فاستظل بها ما كان مرتعا وكان إذا ورد ماء يقصر عنه غشائه وصل بها وكان يقاتل بها السباع عن غنمه .
وذكر بعضهم أنه كان عليه السلام يستقى بها فتطول بطول البئر وتصير شعبتاها دلوا وتكونان شمعتين وإذا ظهر عدو حاربت عنه وإذا اشتهى ثمرة ركزها فاورقت واثمرت وكان يحمل عليها زاده وسقاه فجعلت تماشيا ويركزها فينبع الماء وإذا رفعها نبض وكان تقية بالهوام وكانت تحدثه وتؤنسه ونقل الطبرسى كثيرا مما ذكر عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما .
والظاهر أن ذلك مما كان فيها بعد وتكلف بعضهم للقول بأنهم مما كان قبل ويحتمل أن صح خبر في ذلك ولا اراه يصح فيه شئ وكان المراد من سؤاله تعالى إياه عليه السلام أن يعدد المرافق الكثيرة التي علقها بالعصا ويستكثرها ويستعظمها ثم يريه تعالى عقب ذلك الآية العظيمة كأنه جل وعلا يقول : اين انت عن هذه المنفعه العظمى والمأربة الكبرى المنسية عندها كل منفعة ومأربة كنت تعتد بها وتحتفل بشأنها فما طلبة للوصف أو يقدر المنفعة بعدها واختيار ما يدل على البعد في اسم الاشارة للاشارة إلى التعظيم وكذا في النداء ايماء اليه والتعداد في الجواب لاجله و مآرب اخرى تتميم للاستعظام بأنها اكثر من أن تحصى وذكر العصا في الجواب ليجرى عليها النعوت المادحة وفيه من تعظيم شأنها ما ليس في ترك ذكرها ويندفع بهذا ما اورد من أنه يلزم على هذا الوجه استدراك هى عصاى إذ لا دخل له في تعداد المنافع .
ويجوز أن يكون المراد اظهاره عليه السلام حقارتها ليريه D عظيم ما يخترعه في الخشبة اليابسة مما يدل على باهر قدرته سبحانه كما هو شأن من أراد أن يظهر من الشئ الحقير شيئا عظيما فانه يعرضه على الحاضرين ويقول ما هذا فيقولون هو الشئ الفلانى ويصفونه بما يبعد عما يريد اظهاره منه ثم يظهر ذلك فما طالبة للجنس و تلك للتحقير والتعداد في الجواب لاجله ومآرب اخرى تتميم لذلك أيضا بأن المسكوت عنه من جنس المنطوق فكانه عليه السلام قال : هي خشبة يابسة لا تنفع إلا منافع سائر الخشبات ولذلك ذكر عليه السلام العصا واجرى عليها ما اجرى وقيل أنه عليه السلام لما رأى من ايات ربه ما رأى غلبت عليه الدهشة والهيبة فسأله سبحانه وتكلم معه ازالة لتلك الهيبة والدهشة فما طالبة أما للوصف أو للجنس وتكرير النداء لزيادة التانيس ولعل اختيار ما يدل على البعد في اسم الاشارة لتنزيل العصا منزلة البعيد لغفلته عليه السلام عنها بما غلب عليه من ذلك والاجمال في قوله : ولى فيها مارب اخرى يحتمل أن يكون رجاء أن يسأله سبحانه عن تلك الماآرب فيسمع كلامه D مرة اخرى وتطول المكالمة وتزداد اللذاذة التي لأجلها اطنب أولا وما الذ مكالمة المحبوب ومن هنا قيل : واملى حديثا يستطاب فليتنى اطلت ذنوبا كى يطول عتابه