ولذا زعم أهل ما وراء النهر من أهل السنة القائلين بقدم الكلام الذي سمعه موسى عليه السلام حادث وهو صوت خلقه الله تعالى في الشجرة وأهل البدعه اجمعوا على أن الكلام اللفظى حادث بيد أن منهم من جوز قيام الحوادث به تعالى شأنه ومنهم من لم يجوز وزعم أن الذي سمعه موسى عليه السلام خلقه الله D في جسم من الأجسام كالشجرة أو غيرها .
وقال إلا شعري : إن الله تعالى أسمع موسى عليه السلام كلامه النفسى الذي ليس بحرف ولاصوت ولا سبيل للعقل إلى معرفة ذلك وقد حققه بعضهم بأنه عليه السلام تلقى ذلك الكلام تلقيا روحانيا كما تتلقا الملائكة عليهم السلام كلامه تعالى لا من جارحة ثم افاضته الروح بواسطة قوة العقل على القوى النفسية ورسمته في الحس المشترك بصور الفاظ مخصوصة فصلر لقوة تصوره كأنه يسمعه من الخارج وهذا كما يرى النائم أنه يكلم ويتكلم ووجه وقوف الشيطان المار بالخبر الذي سمعت ما فيه على هذا بأنه يحتمل أن يكون كذلك ويحتمل أن يكون بالتفرس من كون هيئته عليه السلام على هيئة المصغى المتأمل لما يسمعه وهو كما ترى وقد تقدم لك في المقدمات ما عسى ينفعك مراجعته هنا فراجعه وتامل واعلم أن شأن الله تعالى شأنه كله غريب وسبحان الله العزيز الحكيم فاخلع نعليك ازلهما من رجليك والنعل معروفة وهى مؤنثه يقال في تصغيرها نعيلة ويقال فيها نعل : بفتح العين أنشد الفراء : له نعل لا يطبى الكلب ريحها وان وضعت بين المجالس شمت وأمر صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك لما انهما كانتا من جلد حمار ميت غير مدبوغ كما روى عن الصادق رضى الله تعالى عنه وعكرمة وقتادة والسدى ومقاتل والضحاك والكلبى وروى كونهما من جلد حمار في حديث غريب فقد أخرج الترمذى بسنده عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قال : كان على موسى عليه السلام يوم كلمه ربه كساء صوف وجبة صوف وكمة صوف اىقلنسوة صغيرة وسراويل صوف وكانت نعلاه من جلد حمار وعن الحسن ومجاهد وسعيد ابن جبير وابن جريج انهما كانتا من جلد بقرة ذكيت ولكن أمر عليه السلام بخلعهما ليباشر بقدمه الأرض فتصيبه بركة الوادى المقدس .
وقال الأصم : لأن الحفوة ادخل في التواضع وحسن الادب ولذلك كان السلف الصالحون يطوفون بالكعبة حافين ولا يخفى أن هذا ممنوع عند القائل بافضلية الصلاة بالنعال كما جاء في بعض الآثار ولعل الاصم لم يسمع ذلك أو يجيب عنه .
وقال أبو مسلم : لأنه تعالى امنه من الخوف واوقفه بالموضع الطاهر وهو عليه السلام إنما لبسهما اتقاء من الانجاس وخوفا من الحشرات وقيل : المعنى فرغ قلبك من الأهل والمال وقيل : من الدنيا والاخرة .
ووجه ذلك أن يراد بالنعل كل ما يرتفق به وغلب على ما ذكر تحقيرا ولذا اطلق على الزوجة نعل كما في كتب اللغة ولا يخفى عليك أنه بعيد وان وجه بما ذكر وهو اليق بباب الاشارة والفاء لترتيب الأمر على ما قبلها فان ربوبيته تعالى له عليه السلام من موجبات الأمر ودواعه وقوله تعالى انك بالواد المقدس تعليل لموجب الخلع المؤمور به وبيان لسبب ورود الأمر بذلك من شرف البقعة وقدسها روى أنه عليه السلام