وتفسيره بالجمرة ليس بشئ وهذا الجار والمجرور متعلق باتيكم وأما منها فيتحمل أن يكون متعلقا به وان يكون متعلقا بمحذوف وقع حالا من قبس على ما قاله أبو البقاء او اجد على النار هدى هاديا يدلنى على الطريق على أنه مصدر سمى به الفاعل مبالغة أو حذف منه المضاف أي ذا هداية أو على أنه إذا وجد الهادى فقد وجد الهدى وعن الزجاج أن المراد هاديا يدلنى على الماء فانه عليه السلام قد ضل عن الماء وعن مجاهد وقتادة أن المراد هاديا يهدينى إلى ابواب الدين فان افكار الابرار مغمورة بالهمم الدينية في عامة احوالهم لا يشغلهم عنها شاغل وهو بعيد فان مساق النظم الكريم تسلية أهله مع أنه قد نص في سورة القصص على ما يقتضى ما تقدم حيث قال : لعلى آتيكم منها بخير أو جذوة الآية والمشهور كتابة هذه الكلمة بالياء .
وقال أبو البقاء : الجيد أن تكتب بالالف ولا تمال لا الالف بدل التنوين في القول المحقق وقد امالها قوم وفيه ثلاثة اوجه الأول أن يكون شبه الف التنوين بلام الكلمة إذا اللفظ بهما في المقصور واحد الثاني أن يكون لام الكلمة ولم يبدل من التنوين شئ في النصب والثالث أن يكون على رأى من وقف في الاحوال الثلاثة من غير ابدال انتهى وكلمة أو لمنع الخلو دون الجمع وعل على بابها من الاستعلاء والاستعلاء على النار مجاز مشهور صار حقيقة عرفية في الاستعلاء على مكان قريب ملاصق لها كما قال سيبويه في مررت بزيد : أنه لصوق بمكان يقرب منه وقال غير واحد : أن الجار والمجرور في موقع الحال من هدى وكان في موضع الصفة له فقدم والتقدير أو اجد هاديا أو ذا هدى مشرفا على النار والمراد مصطليا بها وعادة المصطلى الدنو من النار والاشراف عليها .
وعن الأنبارى أن على ههنا بمعنى عند أو بمعنى مع أو بمعنى الباء ولا حاجة إلى ذلك وكان الظاهر عليها إلا أنه جئ بالظاهر تصريحا بما هو كالعلة لوجدان الهدى إذ النار لا تخلو من اناس عندها وصدرت الجملة بكلمة الترجى لما أن الآيتان وما عطف عليه ليسا محققى الوقوع بل هما مترقبان متوقعان وهى على ما في ارشاد العقل السليم أما علة لفعل قد حذف ثقة بما يدل عليه من الأمر بالمكث والاخبار بايناس النار وتفاديا عن التصريح بما يوحشهم وأما حال من فاعله أي فاذهب اليها لآتيكم أو كى آتيكم أو راجيا أن آتيكم منها بقبس الآية وقيل : هى صفة لنارا ومتى جاز جعل جملة الترجى صلة كما في قوله : وانى لراج نظرة قبل التى لعلى وان شطت نواها ازورها فليجز جعلها صفة فان الصلة والصفة متقاربان ولا يخفى ما فيه فلما اتاها أي النار التى آنسها وكانت كما في بعض الروايات عن ابن عباس في شجرة عناب خضراء يا نعمة وقال عبد الله بن مسعود : كانت في سمرة وقيل : في شجرة عوسج وأخرج الامام احمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبى حاتم عن وهب ابن منية قال : لما رأى موسى عليه السلام النار انطلق يسير حتى وقف منها قريبا فاذا هو بنار عظيمة تفور من ورق شجرة خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق لا تزداد النار فيما يرى إلا عظما وتضرما ولا تزداد الشجرة على شدة الحريق الاخضرة وحسنا فوقف ينظر لا يدرى علام يضع أمرها إلا أنه قد ظن أنها شجرة تحترق واوفد اليها بوقد فنالها فاحترقت وانه إنما يمنع النار شدة خضرتها وكثرة مائها وكثافة ورقها وعظم جذعها فوضع أمرها على هذا فوقف وهو يطمع أن يسقط منها شئ فيقتبسه فلما طال عليه ذلك اهوى اليها بضغث