لا ندرى كان يكفيهم قول الله سبحانه وتعالى : ليس كمثله شئ ثم ذكر بعد في الكلام على قوله صلى الله عليه وسلّم : الذي رواه مسلم : إن قلوب بنى إدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف شاء التخيير بين التفويض لكن بشرط نفى الجارحة ولا بد وتبيين ما في ذلك اللفظ من وجوه التنزيه وذكر أن هذا واجب على العالم عند تعينه في الرد على بدعى مجسم مشبهوقال أيضا فيما رواه عنه تلميذه المحقق اسمعيل بن سودكين في شرح التجليات : ولا يجوز للعبد أن يتاول ما جاء من اخبار السمع لكونها لا تطابق دليله العقلى كاخبار النزول وغيره لأنه لو خرج الخطاب عما وضع له لما كان به فائدة وقد علمنا أنه E ارسل ليبين للناس ما أنزل اليهم ثم رايناه A مع فصاحته وسعة علمه وكشفه لم يقل لنا أنه تنزل رحمته تعالى ومن قال تنزل رحمته فقد حمل الخطاب على الأدلة العقلية والحق ذاته مجهولة فلا يصح الحكم عليه بوصف مقيد معين والعرب تفهم نسبة النزول مطلقا فلا تقيده بحكم دون حكم وحيث تقرر عندها أنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شئ يحصل لها المعنى مطلقا منزها وربما يقال لك هذا يحيله العقل فقل الشأن هذا إذا صح أن يكون الحق من مدركات العقول فانه حينئذ تمضى عليه سبحانه وتعالى احكامها انتهى وقال تلميذه الشيخ صدر الدين القونوى في مفتاح الغيب بعد بسط كلام في قاعدة جليلة الشأن حاصلها أن التغاير بين الذوات يستدعى التغاير في نسبة الأوصاف اليها ما نصه : وهذه قاعدة من عرفها أو كشف له عن سرها عرف سر الآيات والاخبار التي توهم التشبيه عند أهل العقول الضعيفة واطلع على المراد منها فيسلم من ورطتى التأويل والتشبيه وعاين الأمر كما ذكر مع كمال التنزيه انتهى وخلاصة الكلام في هذا المقام أنه قد ورد في الكتاب العزيز والأحاديث الصحيحة الفاظ توهم التشبيه والتجسيم وما لا يليق بالله تعالى الجليل العظيم فتشبث المجسمة والمشبهة بما توهمه فضلوا واضلوا ونكبوا عن سواء السبيل وعدلوا وذهب جمع إلى أنهم هالكون وبربهم كافرون وذهب أخرون إلى أنهم مبتدعون وفصل بعض فقال : هم كفرة أن قالوا : هو سبحانه وتعالى جسم كسائر الأجسام ومبتدعة أن قالوا : جسم لا كالاجسام وعصم الله تعالى أهل الحق مما ذهبوا اليه وعولوا في عقائدهم عليه فاثبتت طائفة منهم ما ورد كما ورد مع كمال التنزيه المبراعن التجسيم والتشبيه فحقيقة الأستواء مثلا منسوب اليه تعالى شاته لا يلزمها ما يلزم في الشاهد فهو جل وعلا مستو على العرش مع غناه سبحانه وتعالى عنه وحمله بقدرته للعرش وحملته وعدم مماسة له أو انفصال مسافى بينه تعالى وبينه ومتى صح للمتكلمين أن يقولوا : أنه تعالى ليس عين العالم ولا داخلا فيه ولاخارجا عنه مع أن البداهة تكاد تقضى ببطلان ذلك بين شئ وشئ صح لهؤلاء الطائفة أن يقولوا ذلك في استوائه تعالى الثابت بالكتاب والسنة فالله سبحانه وصفاته وراء طور العقل فلا يقبل حكمه إلا فيما كان في طور الفكر فان القوة المفكرة شأنها التصرف فيما في الخيال والحافظة من صور المحسوسات والمعانى الجزئية ومن ترتيبها على القانون يحصل للعقل علم أخر بينه وبين هذه الأشياء مناسبة وحيث لا مناسبة بين ذات الحق جل وعلا وبين شئ لا يستنتج من المقدمات التي يرتبها العقل معرفة الحقيقة فاكف الكيف مشلولة واعناق التطاول إلى معرفة الحقيقة مغلولة واقدام السعى إلى التشبيه مكبلة واعين الابصار والبصائر عن الادراك والاحاطة مسملة : مرام شط مرمى العقل فيه ودون مداه بيد لا تبيد وقد أخرج اللالكائى في كتاب السنة من طريق الحسن عن امه عن ام سلمة انها قالت : الأستواء غير