برأيه شيئا تبارك الله تعالى رب العالمين .
وأخرج ابن أبى حاتم في مناقب الشافعى عن يونس بن عبد الاعلى قال : سمعت الشافعى يقول الله تعالى اسماء وصفات لا يسع احدا ردها ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه كفر وأما قبل قيام الحجة فانه يعذر بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا الرؤية والفكر فنثبت هذه الصفات وننفى عنها التشبيه كما نفى سبحانه عن نفسه فقال ليس كمثله شئ وذكر الحافظ ابن حجر في فتح البارى أنه قد اتفق على ذلك أهل القرون الثلاثة وهم خير القرون بشهادة صاحب الشريعة صلى الله تعالى عليه وسلم وكلام امام الحرمين في الارشاد يميل إلى طريقة التأويل وكلامه في الرسالة النظامية مصرح باختياره طريقة التفويض حيث قال فيها : والذي نرتضيه رايا وندين به عقدا اتباع سلف الامة فالأولى الأتباع وترك الابتداع والدليل السمعى القاطع في ذلك اجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم فانهم درجوا على ترك التعرض لمعانى المتشابهات مع أنهم كانوا لا يالون جهدا في ضبط قواعد الملة والتواصى بحفظها وتعليم الناس ما يحتاجون اليه منها فلو كان تأويل هذه الظواهر مسنونا أو محتوما لا وشك أن يكون اهتمامهم بها فوق الأهتمام بفروع الشريعة وقد اختاره أيضا الأمام أبو الحسن الاشعرى في كتابه الذى صنفه في اختلاف المضلين ومقالات الاسلاميين وفي كتابه الابانة في اصول الديانة وهو أخر مصنفاته فيما قيل : وقال البيضاوى في الطوالع : والأولى اتباع السلف في الأيمان بهذه الأشياء يعنى المتشابهات ورد العلم إلى الله تعالى بعد نفى ما يقتضى التشبيه والتجسيم عنه تعالى انتهى .
وعلى ذلك جرى محققو الصوفية فقد نقل عن جمع منهم أنهم قالوا : أن الناس ما احتاجوا إلى تأويل الصفات إلا من ذهولهم عن اعتقاد أن حقيقته تعالى مخالفة لسائر الحقائق وإذا كانت مخالفة فلا يصح في ايات الصفات قط تشبيه إذ التشبيه لا يكون إلا مع موافقة حقيقته تعالى لحقائق خلقه وذلك محال .
وعن الشعر انى أن من احتاج إلى التأويل فقد جهل اولا واخرا أما اولا فبتعقله صفة التشبيه في جانب الحق وذلك محال وأما اخرا فلتأويله ما أنزل الله تعالى على وجه لعله لا يكون مراد الحق سبحانه وتعالى .
وفي الدرر المنثورة له أن المؤول انتقل عن شرح الأستواء الجثمانى على العرش المكانى بالتنزيه عنه إلى التشبيه بالأمر السلطانى الحادث وهو الأستيلاء على المكان فهو انتقال عن التشبيه بمحدث ما إلى التشبيه بمحدث إخر فما بلغ عقله في التنزيه مبلغ الشرع فيه في قوله تعالى : ليس كمثله شئ إلا ترى أنه استشهد في التنزيه العقلى في الأستواء بقول الشاعر : .
قد استوى البيت واين استواء بشر على العراق من استواء الحق سبحانه وتعالى على العرش فالصواب أن يلزم العبد الأدب مع مولاه ويكل معنى كلامه اليه D .
ونقل الشيخ ابراهيم الكورانى في تنبيه العقول عن الشيخ الأكبر قدس سره أنه قال في الفتوحات اثناء كلام طويل عجيب فيه من الاشاعرة والمجسمة : الأستواء حقيقة معقولة معنوية تنسب إلى كل ذات بحسب ما تعطيه حقيقة تلك الذات ولا حاجة لنا إلى التكلف في صرف الأستواء عن ظاهره والفقير قد رأى في الفتوحات ضمن كلام طويل أيضا في الباب الثالث منها ما نصه ماضل من ضل من المشبهة إلا بالتأويل وحمل ما وردت به الآيات والأخبار على ما يسبق منها إلى الفهم من غير نظر فيما يجب لله تعالى من التنزيه فقادهم ذلك إلى الجهل المحض والكفر الصراح ولو طلبوا السلامة وتركوا الأخبار والآيات على ماجاءت من غير عدول منهم فيها إلى شئ البتة ويكلون علم ذلك إلى الله تعالى ولرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم ويقولون :