وفي النهاية الوفد هم القوم يجتمعون ويردون البلاد وأحدهم وافد وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترفاد وانتجاع وغير ذلك وقال الراغب : الوفد والوفود هم الذين يقدمون على الملوك مستنجزين الحوائج ومنه الوفد من الأبل وهو السابق لعيرها وذا المعنى الذى ذكره هو المشهور ومن هنا قيل : أن لفظة الوفد مشعرة بالأكرام والتبجيل حيث اذنت بتشبيه حالة المتقين بحالة وفود الملوك وليس المراد حقيقة الوفادة من سائر الحيثيات لانها تتضمن الأنصراف من الموفود عليه والمتقون مقيمون ابدا في ثواب ربهم D والكلام على تقدير مضاف أي إلى كرامة الرحمن أو ثوابه وهو الجنة أو إلى دار كرامته أو نحو ذلك وقيل : الحشر إلى الرحمن كناية عن ذلك فلا تقدير وكان الظاهر ضمير بأن يقال يوم نحشر المتقين الينا إلا أنه اختير الرحمن اذانا بأنه يجمعون من اماكن متفرقة واقطار شاسعة إلى من يرحمهم قال القاضى : وللاختيار الرحمن في هذه السورة شأن ولعله أن مساق الكلام فيها لتعداد النعم الجسام وشرح حال الشاكرين لها والكافرين بها فكانه قيل : هنا يوم نحشر المتقين إلى ربهم الذي غمرهم من قبل برحمته وشملهم برافته وحاصله يوم نحشرهم إلى من عودهم الرحمه وفي ذلك من عظيم البشاره ما فيه وقد قابل سبحانه ذلك بقوله جل وعلا ونسوق المجرمين كما تساق البهائم إلى جهنم وردا .
86 .
- أي عطاشا كما روى عن ابن العباس وابى هريرة والحسن وقتادة ومجاهد واصله مصدر ورد أي سار إلى الماء قال الراجز : ردى ردى ورد قطاة صما كدرية اعجبها بردا لما واطلاقه على العطاش مجاو لعلاقة اللزوم لأن من يرد الماء لا يرده إلا لعطش وجوز أن يكون المراد من الورد الدواب التي ترد الماء والكلام على التشبيه أي نسوقهم كالدواب التي ترد الماء وفي الكشف في لفظ الورد تهكم واستخفاف عظيم لا سيما وقد جعل المورد جهنم اعاذنا الله تعالى منها برحمته فلينظر ما بين الجملتي من الفرق العظيم وقرأ الحسن والجحدري يحشر المتقون ويساق المجرمون ببناء الفعلين للمفعول واستدل بالاية على أن اهوال القيامة تختص بالمجرمين لأن المتقين من الأبتداء يحشرون مكرمين فكيف ينالهم بعد ذلك شدة وفي البحر الظاهر أن حشر المتقين إلى الرحمن وقد ابعد انقضاء الحساب وامتياز الفريقين وحكاه ابن الحوزى عن أبى سليمان الدمشقى وذكر ذلك النيسابورى احتمالا بحثا في الاستدلال السابق .
وانت تعلم أن ذلك لا يتاتي على ما سمعت في الخبر المروى على علي كرم الله تعالى وجهه فانه صريح في أنهميركبون عند خروجهم من القبور وينتهون إلى باب الجنة وهو ظاهر في أنهملا يحاسبون .
وقال بعضهم : أن المراد بالمتقين الموصوفون بالتقوى الكاملة ولا يبعد أن يدخلوا الجنة بلا حساب فقد صحت الأخبار بدخول طائفة من هذه الامة الجنة كذلكففي الصحيحين عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال : خرج الينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ذات يوم فقال عرضت على الأمم يمر النبى معه الرجل والنبى معه الرجلان والنبى ليس معه أحد والنبى معه الرهط فرايت سوادا كثيرا فرجوت أن يكون امتى فقيل : هذا موسى وقومه ثم قيل : انظر فرايت سوادا كثيرا فقيل : هؤلاء امتك ومع هؤلاء سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب فتفرق الناس ولم يبين لهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فتذاكر اصحابه فقالوا : اما نحن فولدنا في الشرك ولكن قد آمنا بالله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم هؤلاء ابناؤنا