من قوله سبحانه ويقول الانسان ائذا مامت إلى هنا وكته عن هؤلاء الكفرة الغواة والمرادة العتاة من فنون القبائح من الأقاويل والأفاعيل والتمادى في الغى والانهماك في الضلال والأفراط في العناد والتصميم على الكفر من غير صارف يلويهم ولا عاطف يثنيهم والأجماع على مدافعة الحق بعد ايضاحة وانتفاء الشرك عنه بالكلية وتنبيه على أن جميع ذلك باضلال الشياطين واغوائهم لا لأن هناك قصور في التبليغ أو مسوغا في الجملة وفيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فهى تذييل لتلك الآيات لما ذكر وليس المراد منها تعجيبه E من ارسال الشيلطين عليهم كما يوهمه تعليق الرؤية به بل مما ذكر من احوالهم من حيث كونها من آثار اغواء الشياطين كما ينبئ عن ذلك قوله سبحانه تؤزهم ازا فلا تعجل عليهم بأن يهلكوا حسبما تقتضيه جناياتهم ويبيد عن أخرهم وتطهر الأرض من خباثاتهم والفاء للاشعار بكون ما قبلها مظنة الوقوع المنهى عنه محوجة إلى النهى كما في قوله تعالى ان هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة .
وقوله تعالى : إنما نعد لهم عدا .
84 .
- تعليل لموجب النهى ببيان اقتراب هلاكهم فانه لم يبق لهم إلا ايام وانفاس نعدها عدا أي قليلة كما قيل في قوله تعالى : دراهم معدودة ولا ينافى هذا ما مر من أنه يمد لمن كان في الضلالة أي يطول لأنه بالنسبة لظاهر الحال عندهم وهو قليل باعتبار عاقبته وعند الله D وقيل : أن التعليل بماذكر دل أن انفاسهم وايامهم تنته بانتهاء العد ولا شك انها على كثرتها يستوفى احصاؤها في ساعة فعبر بهذا المعنى عن القليل فكانه قيل : ليس ليس بينك وبين هلاكهم إلا ايام محصورة وانفاس معدودة كانها في سرعة تقضيها الساعة التى تعد فيها لو عدت وهذا ليس مبنيا على أن كل ما يعد فهو قليل انتهى والأول هو الظاهر وهذا ابعد مغزى وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه كان إذا قرأ هذه الآية بكى وقال : أخر العدد خروج نفسك أخر العدد فراق اهلك أخر العدد دخول قبرك وعن ابن السماك أنه كان عند المامون فقراها فقال : إذا كانت الانفاس بالعدد ولم يكن لها مدد فما اسع ما تنفد ولله تعالى در من قال : أن الحبيب من الاحباب مختلس لا يمنع الموت بواب ولا حرس وكيف يفرح بالدنيا ولذتها فتى يعد عليه اللفظ والنفس وقيل : المراد انما نعد اعمالهم لنجازيهم عليها يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا .
85 .
- أي ركبانا كما أخرجه جماعة عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وأخرج ابن أبى الدنيا في صفة الجنة وابن أبى حاتم وابن مردوية من طرق عن على كرم الله تعالى وجهة قال سالت رسول الله A عن هذه الآية فقلت : يا رسول الله هل الوفد إلا الركب فقال E : والذي نفسي بيده أنهماذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها اجنحة وعليها رحال الذهب شرك نعالهم نور يتلالا كل خطوة منها مثل مد البصر وينتهون إلى باب الجنة الحديث وهذه النوق من الجنة كما صرح به في حديث أخرجه عبد الله بن الأمام احمد وغيره موقوفا على على كرم الله تعالى وجهه وروى عن عمرو بن قيس أنهميركبون على تماثيل من اعمالهم الصالحة هي في غاية الحسن ويروى أنه يركب كل منهم ما احب من ابل أو خيل أو سفن تجئ عائمة بهم واصل الوفد جمع وافد كالوفود والاوغاد والوفد من وفد اليه وعليه يفد وفدا ووفودا ووفادة قدم وورد