اظهر من التفسير السابق وكونهم اعوانا عليهم لانهم يلعنونهم وقيل : لأن عبادتهم كانت سببا للعذاب .
وتعقب بأن هذا لم يحدث يوم القيامة وظاهر الآية الحدوث ذلك اليوم والأمر فيه هين وقيل : لانهم يكونون الة لعذابهم حيث يجعلون وقود النار وحصب جهنم وهذا لا يتسنى إلا على تقدير أن يراد بالالهة الأصنام واطلاق الضد على العون لما أن عون الرجل يضاد عدوه وينافيه باعانته له عليه وعلى الثاني يكون الكفرة على الالهة أي اعداء لها من قولهم : الناس عليكم أي أعداؤكم ومنه اللهم كن لنا ولا تكن علينا ضدا أي منافين ما كانوا عليه كافرين بها بعد ما كانوا يعبدونها فعليهم على ما قيل خبر يكون وضدا حال مؤكدة والعداوة مرادة مما قبله وقيل : انها مرداة منه وهو الخبر و عليهم في موضع الحال وقد فسره باعداء الضحاك وهو على ما نقل عن الأخفش كالعدو يستعمل مفردا وجمعا .
وبذلك قال صاحب القاموس وجعل ما هنا جمعا وانكر بعضهم كونه مما يطلق على الواحد والجمع وقال : هو للواحد فقط وإنماوحد هنا لوحدة المعنى الذي يدور عليه مضادتهم فانهم بذلك كالشئ الواحد كما في قوله صلى الله عليه وسلّم فيما رواه النسائى وهم يد على من سواهم وقال صاحب الفرائد : انما وحد لأنه ذكر في مقابلة قوله تعالى عزا وهو مصدر يصلح لأن يكون جمعا فهذا وان لم يكن مصدرا لكن يصلح لأن يكون جمعا نظرا إلى ما يراد منه وهو الذل وهذا إذا تم فانما يتم على المعنى الأول وقد صرح في البحر أنه على ذلك مصدر يوصف به الجمع كما يوصف به الواحد فليرجع وقرأ أبو نهيك هنا وفيما تقدم كلا بفتح الكاف والتنوين فقيل انها الحرف الذي للردع إلا أنه نوى الوقف عليها فصار الفها كالف الاطلاق ثم ابدلت تنوينا ويجوز أن لا يكون نوى الوقف بل اجريت الالف مجرى الف الاطلاق لما أن الف المبنى لم يكن لها اصل ولم يجز أن تقع رويا ويسمى هذا تنوين الغالى وهو يلحق الحروف وغيرها ويجامع الألف واللام كقولك : اقلى اللوم عاذل والعتابن وقولى أن اصبت لقد اصابن وليس هذا مثل قواريرا كما لا يخفى خلافا لمن زعمه وفي محتسب ابن حنى أن كلا مصدر من كل السيف إذا نبا وهومنصوب بفعل مضمر من لفظه والتقدير هنا كل هذا الراى والاعتقاد كلا والمراد ضعف ضعفا وقيل : هو مفعول به بتقدير حملوا كلا ويقال نظير ذلك فيما تقدم وقال ابن عطيه : هو نعت الالهة والمراد به الثقيل الذي لا خير فيه والأفراد لأنه بزنة المصدر وهو كما ترى والأوفق بالمعنى ما تقدم وان قيل فيه تعسف لفظى وانه يلزم عليه اثبات التنوين خطا كما في امثال ذلك .
وحكى أبو عمر والدانى عن أبى نهيك أنه قرأ كلا بضم الكاف والتنوين وهي على هذا منصوبة بفعل محذوف دل عليه سيكفرون على أنه من باب الاشتغال نحوا زيدا مررت به أي يجحدون كلا أي عبادة كل من الالهة ففيه مضاف مقدر وقد لا يقدر وذكر الطبرى عنه أنه قرأ كل بضم الكاف والرفع وهو على هذا مبتدأ والجملة بعده خبره الم تر انا ارسلنا الشياطين على الكافرين قيضناهم وجعلناهم قرناء لهم مسلطين عليهم أو سلطانهم عليهم ومكناهم من اضلالهم تؤزهم ازا .
83 .
- تغريهم وتهيجهم على المعاصى تهييجا شديدا بانواع التسويلات والوساوس فان الاز والهز والاستفزاز اخوات مهناخا شدة الأزعاج وجملة تؤزهم أماحال مقدرة من الشياطين أو استئناف وقع جوابا عما نشأ من صدر الكلام كأنه قيل : ماذا تفعل الشياطين بهم فقيل تؤزخم الخ والمراد من الآية نعجيب رسول الله A مما تضمنته الآيات السابقة الكريمة