أن الأول هو الأوفق لسبب النزول .
ورجح الثاني بأنه اوفق بصيغة المبالغة فانها باعتبار كثرة من فرض التعلق به وهي اتم على الثاني مع ما في ذلك من ابقاء اللفظ على حقيقته وكثيرا ما جاء في القرآن نفي ما لايجوز عليه سبحانه وتعالى وفيه نظر نعم لا شبهة في أن المتبادر الثاني وأمر الاوفقية لسبب النزول سهل وفي اعادة اسم الرب المعرب عن تبليغ إلىالكمال اللائق مضافا إلىضميره E من تشريفه صلى الله عليه وسلّم والأشعار بعلة الحكم ما لا يخفى وقال أبو مسلم وابن بحر : أول الآية إلى وما بين ذلك من كلام المتقين حين يدخلون الجنة والتنزل فيه من النزول في المكان والمعنى وما نحل الجنة ونتخذها منازل إلا بأمر ربك تعالى ولطفه وهو سبحانه مالك الأمور كلها سالفها ومترقبها وحاضرها فما وجدنا وما نجده من لطفه وفضله وقوله سبحانه وما كان ربك نسيا تقرير من جهته تعالى لقولهم أي وما كان سبحانه تعالى تاركا لثوب العاملين أو ما كان ناسيا لاعمالهم والثوب عليها حسبما وعد جل وعلا وفيه أن حمل التنزل على ما ذكر خلاف الظاهر وايضا مقتضاه بأمر ربنا لأن خطاب النبى A كما في الوجه الأول غير ظاهر إلا أن يكون حكاه الله تعالى على المعنى لأن ربهم وربه واحد ولو حكى على لفظهم لقيل ربنا وإنما حكى كذلك ليجعل تمهيدا لما بعده وكون ذلك خطاب جماعة المتقين لواحد منهم بعيد وكذا وما كان ربك نسيا إذ لم يقل ربهم وايضا لا يوافق ذلك سبب النزول بوجه وكان القائل انما اختاره ليناسب الكلام ما قبله ويظهر عطفه عليه وقد تحقق انا في غنى عن ارتكابه لهذا الغرض .
وقوله تعالى رب السموات والأرض وما بينهما بيان لاستحالة النسيان عليه تعالى من بيده ملكوت السموات والأرض وما بينهما كيف يتصور أن يحوم حول ساحة عظمته وجلاله الغفله والنسيان أو ترك وقلاء من اختاره واصطفاه لتبليغ رسالته ورب خبر مبتدأ محذوف أي هو رب السموات الخ أو بدل من ربك في قوله تعالى وما كان ربك نسيا والفاء في قوله سبحانه فاعبده واصطبر لعبادته لترتيب ما بعدها من موجب الأمرين على ما قبلها من كونه تعالى رب السموات والأرض وما بينهما وقيل : من كونه تعالى غير تارك له E أو غير ناس لأعمال العاملين والمعنى فحين عرفته تعالى بما ذكر من الربوبية الكاملة فاعبده الخ فان إيجاب معرفته سبحانه كذلك لعبادته مما لا ريب فيه أو حين عرفت أنه D لا ينساك أو لا ينسى اعمال العاملين فأقبل على عبادته واصطبر على مشاقها ولا تحزن بابطاء الوحي وكلام الكفرة فانه سبحانه يراقبك ويراعيك ويلطف بك في الدنيا والاخرة .
وجوز أبو البقاء أن يكون رب السموات مبتدأ والخبر فاعبده والفاء زائده على رأى الأخفش وهو كما ترى .
وجوز الزمخشري أن يكون قوله تعالى : وما كان ربك نسيا من تتمة كلام المتقين على تقدير أن يكون رب خبر مبتدأ وحذوف ولم يجوز ذلك على تقدير الابدال لأنه لا يظهر حينئذ ترتب قوله سبحانه فاعبده الخ عليه لأنه من كلام الله تعالى لنبيه A في الدنيا بلا شك وجعله جواب شرط محذوف على تقدير ولما عرفت احوال أهل الجنة واقولهم فأقبل على العمل لا يلائم كما في الكشف فصاحة التنزيل للعدول عن السبب الظاهر إلىالخفى وتعديه الاصطبار باللام مع أن المعروف تعديته بعلى كما في قوله تعالى : واصطبر عليها لتضمنه