للشان كان وعده أي موعوده سبحانه وهو الجنات كما روى عن ابن جريج أو موعده كائنا ما كان فيدخل فيه ما ذكر دخولا أوليا كما قيل وجوز ابقاء الوعد على مصدريته وإطلاقه على ما ذكر للمبالغة .
والتعبير بكان للايذان بتحقق الوقوع أي كان ذلك ماتيا .
61 .
- أي ياتيه من وعد له لا محالة وقيل : ماتيا مفعول بمعنى فاعل أي آنيا وقيل : هو مفعول من أتى اليه إحسانا أي فعل به ما يعد إحسانا وجميلا والوعد على ظاهره ومعنى كونه مفعولا كونه منجزا لأن فعل الوعد بعد صدوره وايجاده إنما هو تنجيزه أي إنه كان وعده عباده منجزا لايسمعون فيها لغوا فضول كلام لاطائل تحته بل هو جارمجرى اللغاء وهو صوت العصافير ونحوها من الطير والكلام كناية عن عدم صدور اللغو عن أهلها وفيه تنبيه على أن اللغو مما ينبغي أن يجتنب عنه في هذه الدار ما امكن وعن مجاهد تفسير اللغو بالكلام المشتمل على السب والمراد لا يتسابون والتعميم أولى الا سلاما استثناء منقطع والسلام أما بمعناه المعروف أي لكن يسمعون تسليم الملائكة عليهم السلام عليهم أو تسليم بعضهم على بعض أو بمعنى الكلام السالم من العيب والنقص أي لكن يسمعون كلاما سالم من العيب والنقص وجوز أن يكون متصلا وهو من تأكيد المدح بما يشبه الذم كما في قوله : ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب وهو يفيد نفي سماع اللغو بالطريق البرهاني الاقوى والاتصال على هذا على طريق الفرض والتقدير ولولا ذلك لم يقع موقعه من الحسن والمبالغه وقيل : اتصال الأستثناء على أن معنى السلام الدعاء بالسلامة من الآفات وحيث أن أهل الجنة أغنياء عن ذلك إذ لا آفة فيها كان السلام لغوا بحسب الظاهر وان لم يكن كذلك نظرا المقصود منه وهو الأكرام وإظهار التحابب ولذا كان لائقا باهل الجنة .
ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا .
62 .
- وارد على عادة المتنعمين في هذه الدار أخرج ابن المنذر عن يحيى ابن كثير قال : كانت العرب في زمانها انما لها أكلة واحدة فمن اصاب اكلتين سمى فلان الناعم فانزل الله تعالى هذا يرغب عباده فيما عنده وروى نحو ذلك عن الحسن وقيل : المراد دوام رزقهم ودروره وإلا فليس في الجنة بكرة ولا عشى لكن جاء في بعض الآثار أن أهل الجنة يعرفون مقدار الليل بارخاء الحجب وإغلاق الأبواب ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق ابان عن الحسن وابى قلابه قالا : جاء رجل إلىرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل في الجنة من ليل قال : وما هيجك على هذا قال : سمعت الله تعالى يذكر في الكتاب ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا فقلت : اليل من البكرة والعشي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ليس هناك ليل وإنما هو ضوء ونور يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو وتاتيهم طرف الهدايا من الله تعالى لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا وتسلم عليهم الملائكة عليهم السلام .
تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا .
63 .
- استئناف جئ به لتعظيم شأن الجنة وتعيين أهلها فاسم الأشارة مبتدأ والجنة خبر له والموصول صفه لها والجملة بعده صلته والعائد محذوف أي نورثها وبذلك