واسرائيل عطف على ابراهيم أي ومن ذرية اسرائيل أي يعقوب عليه السلام وكان منهم موسى وهرون وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام وفي الآية دليل على أن اولاد البنات من الذرية لدخول عيسى عليه السلام ولا اب له وجعل اطلاق الذرية عليه بطريق التغليب خلاف الظاهر وممن هدينا واجتبينا عطف على قوله تعالى من ذرية ادم ومن للتبعيض أي ومن جملة من هديناهم إلى الحق واخترناهم للنبوه والكرامة .
وجوز أن يكون عطفا على قوله سبحانه من النبيين ومن للبيان واورد عليه أن ظاهر العطف المغايرة فيحتاج إلى أن يقال : المراد ممن جمعنا له بين النبوة والهداية والأجتباء للكرامة وهو خلاف الظاهر وقوله تعالى اذا تتلى عليهم إيات الرحمن خروا سجدا وبكيا .
58 .
- استئناف مساق لبيان خشيته من الله تعالى واخباتهم له سبحانه مع ما لهم من علو الرتبة وسمو الطبقة في شرف النسب وكمال النفس والزلفى من الله عز سلطانه .
وقيل : خبر بعد خبر لاسم الأشارة وقيل : أن الكلام انقطع عند قوله تعالى واسرائيل وقوله سبحانه وممن هدينا خبر مبتدأمحذوف وهذه الجملة صفه لذلك المحذوف أي وممن هدينا واجتبينا قوم اذا تتلى عليهم الخ ونقل ذلك عن ابي مسلم وروى بعض الأماميه عن علي بن الحسين رضى الله تعالى عنهما أنه قال : نحن عنينا بهؤلاء القوم ولا يخفى أن هذا خلاف الظاهر جدا وحال روايات الأمامية لا يخفى على ارباب التمييز وظاهر صنيع بعض المحققين اختيار أن يكون الموصول صفه لاسم الأشارة على ما هو الشائع فيما بعد اسم الأشارة وهذه الجملة هي الخبر لأن ذلك امدح لهم ووجه ذلك ظاهر عند من يعرف حكم الأوصاف والأخبار وسجدا جمع ساجد وكذا بكيا جمع باك كشاهد وشهود واصله بكوى اجتمعت الواو والياء وسبقت احداهما بالسكون فقلبة الواو ياء وادغمت الياء في الياء وحركت الكاف بالكسر لمناسبة الياء وجمعه المقيس بكاة كرام ورماة إلا أنه لم يسمع على ما في البحر وهو مخالف لما في القاموس وغيره وجوز بعضهم أن يكون مصدر بكى كجلوسا مصدر جلس وهو خلاف الظاهر نعم ربما يقتضيه ما أخرجه ابن ابي الدنيا في البكاء وابن جرير وابن ابي حاتم والبيهقي في الشعب عن عمر رضى الله تعالى عنه أنه قرأ سورة مريم فسجد ثم قال : هذا سجود فاين البكى وزعم ابن عطيه أن ذلك متعين في قراءة عبد الله ويحيى والأعمش وحمزه والكسائي بكيا بكسر أوله وليس كما زعم لأن ذلك اتباع وظاهر أنه لايعين المصدرية ونصب الاسمين على الحاليه من ضمير خروا أي ساجدين وباكين والأول حال مقدرة كما قال الزجاج والظاهر أن المراد من السجود معناه الشرعي والمراد من الآيات ما تضمنته الكتب السماويه سواء كان مشتملا على ذكر السجود ام لا وسواء كان متضمنا لذكر العذاب المنزل بالكفار ام لا ومن هنا استدل بالآيه على استحباب السجود والبكى عند تلاوة القرآن .
وقد أخرج ابن ماجه واسحق بن راهويه والبزار في مسنديهما من حديث سعيد بن ابي وقاص مرفوعا اتلوا القرآن وابكوا فان لم تبكوا فتباكوا وقيل : المراد من السجود سجود التلاوة حسب ما تعبدنا به عند سماع بعض الآيات القرآنية فالمراد بآيات الرحمن آيات مخصومه متضمنه لذكر السجود وقيل : المراد منه الصلاة وهو قول ساقط جدا وقيل : المراد منه الخشوع والخضوع والمراد من الآيات ما تضمن العذاب المنزل بالكفار وهذا قريب من سابقه ونقل الجلال السيوطي عن الرازي أنه استدل بالآية على وجوب سجود التلاوة وهو كما قال الكيا : بعيد وذكروا أنه ينبغي أن يدعو الساجد في سجدته بما يليق بايتها فههنا يقول : اللهم