فلما فتحوا له اصابه من بردها وطيبها وريهانها ما اخذ بقلبه فقال : يا ملك الموت اني احب أن ادخل الجنة فآكل اكلة من ثمارها واشرب شربة من مائها فلعل ذلك أن يكون اشد لطلبتي ورغبتي فدخل واكل وشرب فقال له ملك الموت : أخرج يا نبى الله تعالى قد اصبت حاجتك حتى يردك الله D مع الأنبياء عليهم السلام يوم القيامة فاحتضن بساق شجرة من اشجارها وقال : ما انا بخارج وان شئت أن اخاصمك خاصمتك فاوحى الله تعالى إلى ملك الموت قاضه الخصومة فقال له : ماالذي تخاصمني به يا نبى الله تعالى فقال ادريس : قال الله تعالى كل نفس ذائقة الموت وقد ذقته وقال سبحانه وان منكم إلا واردها وقد وردتها وقال جل وعلا لأهل الجنة وما هم منها بمخرجين افأخرج من شئ ساقه الله D الي فاوحى الله تعالى إلى ملك الموت خصمك عبدي ادريس وعزتى وجلالى أن في سابق علمي أن يكون كذلك فدعه فقد احتج عليك بحجة قوية الحديث والله تعالى أعلم بصحته وكذا بصحة ما قبله من خبر كعب وهذا الرفع لاقتضائه علو الشأن ورفعة القدر كان فيه من المدح ما فيه وإلا فمجرد الرفع إلى مكان عالى حسا ليس بشئ .
فالنار يعلوها الدخان وربما يعلو الغبار عمائم الفرسان وادعى بعضهم أن الأقرب أن العلو حسى لأن الرفعه المقترنة بالمكان لاتكون معنويه وتعقب بأن فيه نظرا لأنه ورد مثله بل ما هو اظهر منه كقوله : وكن في مكان اذا ما سقطت تقوم ورجلك في عافيه فتأمل أولئك اشارة إلى المذكورين في السورة الكريمة وما فيه من معنى البعد للاشعار بعلو مرتبتهم وبعد منزلتهم في الفضل وهو مبتدأ وقوله تعالى الذين انعم الله عليهم أي بفنون النعم الدينية والدنيوية حسبما اشير اليه مجملا خبره على ما استظهره في البحر والحصر عند القائل به اضامى بالنسبة إلى غير الأنبياء الباقين عليهم الصلاة والسلام لانهم معروفون بكونهم منعما عليهم فينزل الأنعام على غيرهم منزلة العدم وقيل : يقدر مضاف أي بعض الذين انعم الله عليهم وقوله تعالى من النبيين بيان للموصول وقيل : من تبعيضية بناء على أن المراد أولئك المذكورون الذين انعم الله تعالى عليهم بالنعم المعهوده المذكوره هنا فيكون الموضوع والمحمول مخصوما بمن سمعت وهم بعض النبيين وعموم المفهوم المراد من المحمول في نفسه ومن حيث هو في الذهن لاينافي أن يقصد به أمر خاص في الخارج كما لايخفى واختير حمل التعريف في الخبر عن الجنس للمبالغة كما في قوله تعالى ذلك الكتاب والمحذور مندفع بما ذكرنا و من في قوله سبحانه من ذرية إدم قيل بيانيه والجار والمجرور بدل من الجار والمجرور السابق والمجرور بدل من المجرور باعادة الجار وهو بدل بعض من كل بناء على أن المراد ذريته الأنبياء وهي غير شاملة لآدم عليه السلام ولا يخفى بعده وقيل : هي تبعيضية لأن المنعم عليه اخص من الذرية من وجه لشمولها بناء على الظاهر المتبادر منها غير من انعم عليه دونه ولايضر في ذلك كونها اعم منها من وجه لشموله ادم والملك ومؤمنى الجن دونها وممن حملنا مع نوح أي ومن ذرية من حملناهم معه عليه السلام خصوصا وهم من عدا ادريس عليه السلام لما سمعت من أنه قبل نوح وابراهيم عليه السلام كان بالأجماع من ذرية سام بن نوح عليهما السلام ومن ذرية ابراهيم وهم الباقون