كنت ممن أطاعك وعبدك مخلصا فالكاف على هذا فاعل والأول أظهر وأولى وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والتعرض في الموضعين لوصف الربوبية المنبئة عن إضافة ما فيه صلاح المربوب مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام لا سيما توسيطه بين كان وخبرها لتحريك سلسلة الإجابة بالمبالغة في التضرع .
وقد جاء في بعض الآثار أن العبد إذا قال في دعائه : يا رب قال الله تعالى له : لبيك عبدي وروي أن موسى عليه السلام قال يوما في دعائه : يا رب فقال الله سبحانه وتعالى له : لبيك يا موسى فقال موسى : أهذا لي خاصة فقال الله تبارك وتعالى : لا ولكن لكل من يدعوني بالربوبية وقيل : إذا أراد العبد أن يستجاب له دعاؤه فليدع الله تعالى بما يناسبه من أسمائه وصفاته D وإني خفت الموالي هم عصبة الرجل على ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومجاهد وعن الأصم أنهم بنو العم وهم الذين يلونه في النسب وقيل : من يلي أمره من ذوي قرابته مطلقا وكانوا على سائر الأقوال شرار بني إسرائيل فخاف عليه السلام أن لا يحسنوا خلافته في أمته والجملة عطف على قوله إني وهن العظم مني مترتب مضمونها على مضمونه فإن ضعف القوى وكبر السن من مبادي خوفه عليه السلام من يلي أمره بعد موته حسبما يدل عليه قوله من ورائي فإن المراد منه بإجماع من علمنا من المفسرين من بعد موتي والجار والمجرور متعلق بمحذوف ينساق إليه الذهن أي خفت فعل الموالي من ورائي أو جور المولى وقد قريء كما في إرشاد العقل السليم كذلك وجوز تعلقه بالموالي ويكفي في ذلك وجود معنى الفعل فيه في الجملة فقد قالوا : يكفي في تعلق الظرف رائحة الفعل ولا يشترط فيه أن يكون دالا على الحدوث كإسم الفاعل والمفعول حتى يتكلف له ويقال : إن اللام في الموالي على هذا موصول والظرف متعلق بصلته وإن مولى مخفف مولى كما قيل في معنى أنه مخفف معنى فإنه تعسف لا حاجه إليه نعم قالوا في حاصل المعنى على هذا : خفت الذين يلون الأمر من ورائي ولم يجوز الزمخشري تعلقه بخفت لفساد المعنى وبين ذلك في الكشف بأن الجار ليس صلة الفعل لتعديه إلى المحذور بلا واسطة فتعين أن يكون للظرفية على نحو خفت الأسد قبلك أو من قبلك وحينئذ يلزم أن يكون الخوف ثابتا بعد موته وفساد ظاهره وبعضهم رأى جواز التعلق بناء على أن كون المفعول في ظرف مصحح لتعلق ذلك الظرف بفعله كقولك : رميت الصيد في الحرم إذا كان الصيد فيه دون رميك والظاهر عدم الجواز فافهم وقال ابن جني : هو حال مقدرة من الموالي وعن ابن كثير أنه قرأ ومن وراي بالقصر وفتح الياي كعصاي .
وقرأ الزهري الموالي بسكون الياء وقرأ عثمان بن عفان وابن عباس وزيد بن ثابت وعلي بن الحسين وولداه محمد وزيد وسعيد بن العاص وابن جبير وأبو يعمر وشبيل بن عزرة والوليد بن مسلم لابن عامر خفت بفتح الخاء والفاء مشددة وكسر تاء التأنيث الموالي بسكون الياء على أن خفت من الخفة ضد الثقل ومعنى من ورائي كما تقدم : والمراد وإني قل الموالي وعجزوا عن القيام بأمور الدين من بعدي أو من الخفوف بمعنى السير السريع ومعنى من ورائي من قدامي وقبلي والمراد وإني مات الموالي القادرون على إقامة مراسيم الملة ومصالح الأمة وذهبوا قدامي ولم يبق منهم من به تقو واعتضاد فيكون محتاجا إلى العقب لعجز مواليه عن القيام بعده بما هو قائم به أو لأنهم ماتوا قبله فبقي محتاجا إلى من