العلم بجميع ذلك بالسماع من النبي وكذا العلم بمجيء وقت خروجهم على تقدير أن يكون ذلك مرادا من الوعد يجوز أن يكون على اجتهاد ويجوز أن يكون عن سماع .
وفي كتاب حزقيال عليه السلام الأخبار بمجيئهم في آخر الزمان من آخر الجربياء في أمم كثيرة لا يحصيهم إلا الله تعالى وإفسادهم في الأرض وقصدهم بيت المقدس وهلاكهم عن آخرهم في بريته بأنواع من العذاب وهو عليه السلام قبل إسكندر غالب دارا فإذا كان هو ذا القرنين فيمكن أن يكون وقف على ذلك فأفاده علما بما ذكر والله تعالى أعلم ثم أن في الكلام حذفا أي وهو يستمر إلى آخر الزمان فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا أي وعده سبحانه المعهود أو كل ما وعد D به فيدخل فيه ذلك دخولا أوليا حقا 89 ثابتا لا محالة واقعا البتة وهذه الجملة تذييل من ذي القرنين لما ذكره من الجملة الشرطية وتأكيد لمضمونها وهو آخر ما حكي من قصته وقوله D وتركنا بعضهم كلام مسوق من جنابه سبحانه وتعالى وضمير الجمع المجرور عند بعض المحققين للخلائق والترك بمعنى الجعل وهو من الأضداد والعطف على قوله تعالى : جعله دكا وفيه تحقيق لمضمونه ولايضر في ذلك كونه محكيا عن ذي القرنين أي جعلنا بعض الخلائق يومئذ أي يوم إذ جاء الوعد بمجيء بعض مباديه يموج في بعض آخر منهم والموج مجاز عن الإضطراب أي يضطربون اضطراب البحر يختلط إنسهم وجنهم من شدة الهول وروي هذا عن ابن عباس ولعل ذلك لعظائم تقع قبل النفخة الأولى وقيل : الضمير للناس والمراد وجعلنا بعض الناس يوم إذ جاء الوعد بخروج يأجوج ومأجوج يموج في بعض آخر لفزعهم منهم وفرارهم وفيه بعد وقيل الضمير للناس أيضا والمراد وجعلنا بعض الناس يوم إذ تم السد يموج في بعضهم للنظر إليه والتعجيب منه ولا يخفى أن هذا يتعجب منه .
وقال أبو حيان : الأظهر كون الضمير ليأجوج ومأجوج أي وتركنا بعض يأجوج ومأجوج يموج في بعض آخر منهم حين يخرجون من السد مزدحمين في البلاد وذلك بعد نزول عيسى عليه السلام ففي صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان بعد ذكر الدجال وهلاكه بباب لد على يده عليه السلام ثم يأتي عيسى عليه السلام قوما قد عصمهم الله تعالى من الدجال فيمسح وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة فبينما هم كذلك إذ أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام أني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور ويبعث الله تعالى يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس فينفشون الماء ويتحصن الناس منهم في حصونهم ويضمون إليهم مواشيهم فيشربون مياه الأرض حتى أن بعضهم ليمر بالنهر فيشربون ما فيه حتى يتركوه يبسا حتى أن من يمر من بعدهم ليمر بذلك النهر فيقول قد كان ههنا ماء مرة ويحصر عيسى نبي الله وأصحابه حتى يكون رأس الثور ورأس الحمار لأحدهم خيرا من مائة دينار وفي رواية مسلم وغيره فيقولون : لقد قتلنا من في الأرض هلم نقتل من في السماء فيرمون نشابهم إلى السماء فيردها الله تعالى عليهم مخضوبة دما للبلاء والفتنة فيرغب نبي الله وأصحابه إلى الله تعالى فيرسل عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى وفي رواية داود كالنغف في أعناقهم فيصبحون موتى كموت نفس واحدة لا يسمع لهم حس فيقول المسلمون الا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو فيتجرد رجل منهم محتسبا نفسه قد وطنها على أنه مقتول فينزل فيجدهم موتى