الأكثرين لغة تميم وقرأ أبو بكر وابن محصين وأبو رجاء وأبو عبد الرحمن الصدفين بضم فسكون .
وقرأ ابن جندب بفتح فسكون وروى ذلك عن قتادة وفي رواية أخرى عنه أنه قرأ بضم ففتح وهي قراءة أبان عن عاصم وقرأ الماجشون بفتح فضم .
قال للعملة انفخوا أي بالكيران في زبر الحديد الموضوعة بين الصدفين ففعلوا حتى إذا جعله أي جعل المنفوخ فيه نارا أي كالنار في الحرارة والهيئة فهو من التشبيه البليغ وإسناد الجعل المذكور إلى ذي القرنين مع أنه فعل الفعلة للتنبيه على أنه العمدة في ذلك وهم بمنزلة الآلة قال الذين يتولون أمر النحاس من الإذابة وغيرها وقيل لأولئك النافخين قال لهم بعد أن نفخوا في ذلك حتى صار كالنار وتم ما أراده منهم أولا ءاتوني من الذين يتولون أمر النحاس أفرغ عليه قطرا 69 أي آتوني قطرا أفرغ عليه قطرا فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه وبه تمسك البصريون على أن إعمال الثاني في باب التنازع أولى إذ لو كان قطرا مفعول آتوني لأضمر مفعول أفرغ وحذفه وإن جاز لكونه فضلة إلا أنه يوقع في لبس .
والقطر كما أشرنا إليه النحاس المذاب وهو قول الأكثرين وقيل : الرصاص المذاب وقيل : الحديد المذاب وليس بذاك وقرأ الأعمش وطلحة وحمزة وأبو بكر بخلاف عنه ائتوني بهمزة الوصل أي جيئوني كأنه يستدعيهم للإغاثة باليد عند الإفراغ وإسناد الإفراغ إلى نفسه للسر الذي وقفت عليه آنفا وكذا الكلام في قوله اجعل وقوله ساوى على أحد القولين فما اسطاعوا بحذف تاء الإفتعال تخفيفا وحذرا عن تلاقي المتقاربين في المخرج وهما الطاء والتاء .
وقرأ حمزة وطلحة بإدغام التاء في الطاء وفيه جمع بين الساكنين على غير حده ولم يجوزه أبو علي وجوزه جماعة وقرأ الأعشى عن أبي بكر فما اصطاعوا بقلب السين صادا لمجاورة الطاء وقرأ الأعمش فما استطاعوا بالتاء من غير حذف والفاء فصيحة أي ففعلوا ما أمروا به من إيتاء القطر أو الاتيان فأفرغ عليه فاختلط والتصق بعضه ببعض فصار جبلا صلدا فجاء يأجوج ومأجوج وقصدوا أن يعلوه وينقبوه فما اسطاعوا أن يظهروه أي يعلوه ويرقوا فيه لارتفاعه وملاسته قيل : كان ارتفاعه مائتي ذراع وقيل : ألف وثمانمائة ذراع وما استطاعوا له نقبا 79 لصلابته وثخانته قيل : وكان عرضه خمسين ذراعا وكان أساسه قد بلغ الماء وقد جعل فيه الصخر والنحاس المذاب وكانت زبر الحديد للبناء فوق الأرض ولا يخفى أن إفراغ القطر عليها بعد أن أثرت فيها حرارة النار حتى صارت كالنار مع ما ذكروا من امتداد السد في الأرض مائة فرسخ لا يتم إلا بأمر إلهي خارج عن العادة كصرف تأثير حرارة النار العظيمة عن أبدان المباشرين الأعمال وإلا فمثل تلك الحرارة عادة مما لا يقدر حيوان على أن يحوم حولها ومثل ذلك النفخ في هاتيك الزبر العظيمة الكثيرة حتى تكون نارا ويجوز أن يكون كل من الأمرين بواسطة آلات غريبة أو أعمال أوتيها هو أو أحد ممن معه لا يكاد أحد يعرفها اليوم وللحكماء المتقدمين بل والمتأخرين أعمال عجيبة يتوصلون