عليه السلام إنزال من غير أن يرى نفسه أنه يجامع كما يقع كثيرا لأبنائه واعترض أيضا بأنه يلزم على هذا أنهم كانوا قبل الطوفان ولم يهلكوا به وأجيب بأن عموم الطوفان غير مجمع عليه فلعل القائل بذلك ممن لا يقول بعمومه وأنا أرى هذا القول حديث خرافة وقال الحافظ ابن حجر : لم يرد ذلك على أحد من السلف إلا عن كعب الأحبار ويرده الحديث المرفوع أنهم من ذرية نوح عليه السلام ونوح من ذرية حواء قطعا وكأنه عني بالحديث غير ما روي عن أبي هريرة مرفوعا ولد لنوح سام وحام ويافث فولد لسام العرب وفارس والروم وولد لحام القبط والبربر والسودان وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالية فإنه صرح بأنه ضعيف وفي التوراة في السفر الأول في الفصل العاشر التصريح بأن يأجوج من أبناء يافث وزعم بعض اليهود أن مأجوج اسم للأرض التي كان يسكنها يأجوج وليس اسما لقبيلة وهو باطل بالنص والظاهر أنهما اسمان أعجميان فمنع صرفهما للعلمية والعجمة وقيل عربيان من أج الظليم إذا أسرع وأصلهما الهمزة كما قرأ عاصم والأعمش ويعقوب في رواية وهي لغة بني أسد ووزنهما مفعول وبناء مفعول من ذلك مع أنه لازم لتعديه بحرف الجر .
وقيل إن كان ما ذكر منقولا فللتعدي وإن كان مرتجلا فظاهر وقال الأخفش : إن جعلنا ألفهما أصلية فيأجوج يفعول ومأجوج مفعول كأنه من أجيج النار ومن لم يهمزهما جعلها زائدة فيأجوج من يججت ومأجوج من مججت وقال قطرب : في غير الهمز مأجوج فاعول من المج ويأجوج فاعول من من اليج وقال أبو الحسن علي بن عبد الصمد السخاوي : الظاهر أنه عربي وأصله الهمز وتركه على التخفيف وهو إما من الأجة وهو الاختلاف كما قال تعالى وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض أو من الأج وهو سرعة العدو قال تعالى وهم من كل حدب ينسلون أو من الأجه وهي شدة الحر أو من أج الماء يأج أجوجا إذا كان ملحا مرا انتهى وعلة منع الصرف على القول بعربيتهما العلمية والتأنيث باعتبار القبيلة .
وقرأ العجاج ورؤية ابنه آجوج بهمزة بدل الياء وربما يقال جوج بلا همزة ولا ياء في غير القرآن وجاء بهذا اللفظ في كتاب حزقيال عليه السلام مفسدون في الأرض أي في أرضنا بالقتل والتخريب وسائر وجوه الإفساد المعلوم من البشر وقيل بأخذ الأقوات وأكلها روي أنهم كانوا يخرجون أيام الربيع فلا يتركون شيئا أخضر إلا أكلوه ولا يابسا إلا احتملوه وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن حبيب الأوصافي أنه قال : كان فسادهم أنهم يأكلون الناس واستدل بإسناد مفسدون إلى يأجوج ومأجوج على أن أقل الجمع اثنان وليس بشيء أصلا فهل نجعل لك خرجا أي جعلا من أموالنا والفاء لتفريع العرض على إفسادهم في الأرض وقرأ الحسن والأعمش وطلحة وخلف وابن سعدان وابن عيسى الأصبهاني وابن جبير الأنطاكي وحمزة والكسائي خراجا بألف بعد الراء وكلاهما بمعنى واحد كالنول والنوال وقيل الخرج المصدر أطلق على الخراج والخراج الاسم لما يخرج وقال ابن الأعرابي : الخرج على الرؤس يقال : أد خراج أرضك وقال ثعلب : الخرج أخص من الخراج وقيل الخرج المال يخرج مرة والخراج الخرج المتكرر وقيل الخرج ما تبرعت به والخراج ما لزمك أداؤه على أن تجعل بيننا وبينهم سدا 49 حاجزا يمنعهم من الوصول إلينا وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر سدا بضم السين .
قال ما مكني بالإدغام وقرأ ابن كثير وحميد بالفك أي الذي مكنني فيه ربي وجعلني فيه