اليهما من ذلك الغلام إما الزيادة حسن خلقه أو خلقه أو الاثنين معا وهذا المعنى أقرب للتأسيس من المعنى الأول على تفسير المعطوف عليه بما سمعت إلا أنه يؤيد ذلك التفسير ما أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنهما أبدلا جارية ولدت نبيا وقال الثعلبي : إنها أدركت يونس بن متى فتزوجها نبي من الأنبياء فولدت نبيا هدى الله على يده أمة من الأمم وفي رواية ابن المنذر عن يوسف بن عمر أنها ولدت نبيين وفي رواية أخرى عن ابن عباس وجعفر الصادق رضي الله تعالى عنهما أنها ولدت سبعين نبيا واستبعد هذا ابن عطية وقال : لا يعرف كثرة الأنبياء عليهم السلام إلا في بني إسرائيل ولم تكن هذه المرأة منهم وفيه نظر ظاهر ووجه التأييد أن الجارية بحسب العادة تحب أبويها وترحمهما وتعطف عليهما وتبر بهما أكثر من الغلام قيل : أبدلهما غلاما مؤمنا مثلهما وانتصاب المصدرين على التمييز والعامل ما قبل كل من أفعل التفضيل ولا يخفى ما في الإبهام أولا ثم البيان ثانيا من اللطف ولذا لم يقل : فأردنا أن يبدلهما ربهما أزكى منه وأرحم على أن خبر زكاة من المدح ما ليس في أزكى كما يظهر بالتأمل الصادق .
وذكر أبو حيان أن أفعل ليس للتفضيل هنا لأنه لا زكاة في ذلك الغلام ولا رحمة وتعقب بأنه كان زاكيا ظاهرا من الذنوب بالفعل إن كان صغيرا وبحسب الظاهر إن كان بالغا فلذا قال موسى عليه السلام نفسا زكية وهذا في مقابلته فخير من زكاة من هو زكى في الحال والمآل بحسب الظاهر والباطن ولو سلم فالاشتراك التقديري يكفي في صحة التفضيل وأن قوله : ولا رحمة قول بلا دليل انتهى .
وقال الخفاجي : إن الجواب الصحيح هنا أن يكتفى بالاشتراك التقديري لأن الخضر عليه السلام كان عالما بالباطن فهو يعلم أنه لا زكاة فيه ولا رحمة فقوله : إنه لا دليل عليه لا وجه له وأنت تعلم أن الرحمة على التفسير الثاني مما لا يصح نفيها لأنها مدارالخشية فافهم والظاهر أن الفاء للتفريع فيفيد سببية الخشية للإرادة المذكورة ويفهم من تفريع القتل ولم يفرعه نفسه مع أنه المقصود تأويله اعتمادا على ظهور انفهامه من هذه الجملة على ألطف وجه وفيها إشارة إلى رد ما يلوح به كلام موسى عليه السلام من أن قتله ظلم وفساد في الأرض .
وقرأ نافع وأبو عمرو وأبو جعفر وشيبة وحميد والأعمش وابن جرير يبدلهما بالتشديد .
وقرأ ابن عامر وأبو جعفر في رواية ويعقوب وأبو حاتم رحما بضم الحاء وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما رحما بفتح الراء وكسر الحاء وأما الجدار المعهود فكان لغلامين قيل : إنهما أصرم وصريم يتيمين صغيرين مات أبوهما وهذا هو الظاهر لأن يتم بني آدم بموت الأب وفي الحديث لا يتم بعد بلوغ وقال ابن عطية : يحتمل أنهما كانا بالغين والتعبير عنهما بما ذكر باعتبار ما كان على معنى الشفقة عليهما ولا يخفى أنه بعيد جدا في المدينة هي القرية المذكورة فيما سبق ولعل التعبير عنها بالمدينة هنا لإظهار نوع اعتداد بها باعتداد ما فيها من اليتيمين وما هو من أهلها وهو أبوهما الصالح ولما كان سوق الكلام السابق على غير هذا المساق عبر بالقرية فيه وكان تحته كنز لهما مال مدفون من ذهب وفضة كما أخرجه البخاري في تاريخه والترمذي والحاكمن وصححه من حديث أبي الدرداء وبدلك قال عكرمة وقتادة وهو في الأصل مصدر ثم أريد به اسم المفعول