الجنة على أنه قيل الكلام في غير من أخبر الصادق بأنه كافر وقرأ أبو سعيد الخدري والجحدري فكان أبواه مؤمنان وخرجه الزمخشري وابن عطية وأبو الفضل الرازي على أن في كان ضمير الشأن والجملة في موضع الخبر لها وأجاز أبو الفضل أن يكون مؤمنان على لغة بني الحرث بن كعب فيكون منصوبا وأجاز أيضا أن يكون في كان ضمير الغلام والجملة في موضع الخبر .
فخشينا أن يرهقهما فخفنا خوفا شديدا أن يغشى الوالدين المؤمنين لو بقي حيا طغيانا مجاوزة للحدود الإلهية وكفرا 08 بالله تعالى وذلك بأن يحملهما حبه على متابعته كما روى عن ابن جبير ولعل عطف الكفر على الطغيان لتفظيع أمره ولعل ذكر الطغيان مع أن ظاهر السياق الاقتصار على الكفر ليتأتى هذا التفظيع أو ليكون المعنى فخشينا أن يدنس إيمانهما أولا ويزيله آخرا ويلتزم على هذا القول بأن ذلك أشنع وأقبح من إزالته بدون سابقية تدنيس وفسر بعض شراح البخاري الخشية بالعلم فقال : أي علمنا أنه لو أدرك وبلغ لدعا أبويه إلى الكفر فيجيبانه ويدخلان معه في دينه لفرط حبهما إياه وقيل : المعنى خشينا أن يغشيهما طغيانا عليهما وكفرا لنعمتهما عليه من تربيتهما إياه وكونهما سببا لوجوده بسبب عقوقه وسوء صنيعه فيلحقهما شر وبلاء وقيل : المعنى خشينا أن يغشيهما ويقرن بإيمانهما طغيانه وكفره فيجتمع في بيت واحد مؤمنان وطاغ كافر وفي بعض الآثار أن الغلام كان يفسد وفي رواية يقطع الطريق ويقسم لأبويه أنه ما فعل فيقسمان على قسمه ويحميانه ممن يطلبه واستدل بذلك من قال : إنه كان بالغا والذاهب إلى صغره يقول إن ذلك لا يصح ولعل الحق معه والظاهر أن هذا من كلام الخضر عليه السلام أجاب به موسى عليه السلام من جهته وجوز الزمخشري أن يكون ذلك حكاية لقول الله D والمراد فكرهنا بجعل الخشية مجازا مرسلا عن لازمها وهو الكراهة على ما قيل قال في الكشف : وذلك لاتحاد مقام المخاطبة كان سؤال موسى عليه السلام منه تعالى والخضر عليه السلام بإذن الله تعالى يجيب عنه وفي ذلك لطف ولكن الظاهر هو الأول انتهى وقيل : هو على هذا الاحتمال بتقدير فقال الله : خشينا والفاء من الحكاية وهو أيضا بعيد ولا يكاد يلائم هذا الاحتمال الآية بعد إلا أن يجعل التعبير بالظاهر فيها التفاتا وفي مصحف عبد الله وقراءة أبي فخاف ربك والتأويل ما سمعت .
وقال ابن عطية : إن الخوف والخشية كالترجي بلعل ونحوها الواقع في كلامه تعالى مصروف إلى المخاطبين وإلا فالله جل جلاله منزه عن كل ذلك فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه بأن يرزقهما بدله ولدا خيرا منه زكوة قال ابن عباس : أي دينا وهو تفسير باللازم والكثير قالوا : أي طهارة من الذنوب والأخلاق الرديئة وفي التعرض لعنوان الربوبية والإضافة إليهما ما لا يخفى من الدلالة على إرادة وصول الخير إليهما وأقرب رحما 18 أي رحمة قال رؤبة بن العجاج : يا منزل الرحم على إدريسا ومنزل اللعن على إبليسا وهما مصدران كالكثر والكثرة والمراد أقرب رحمة عليهما وبرا بهما واستظهر ذلك أبو حيان ولعل وجهه كثرة استعمال المصدر مبنيا للفاعل مع ما في ذلك هنا من موافقة المصدر قبله وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية أن المعنى هما به أرحم منهما بالغلام ولعل المراد على هذا أنه أحب