أبو أن يطعموهما لأن الكريم قد يرد السائل المستطعم ولا يعاب كما إذا رد غريبا استضافه بل لا يكاد يرد الضيف إلا لئيم ومن أعظم هجاء العرب فلان يطرد الضيف وعن قتادة شر القرى التي لا يضاف فيها الضيف ولا يعرف لابن السبيل حقه .
وقال زين الدين الموصلي إنما خص سبحانه الإستطعام بموسى والخضر عليهما السلام والضيافة بالأهل لأن الإستطعام وظيفة السائل والضيافة وظيفة المسئول لأن العرف يقضي بذلك فيدعو المقيم القادم إلى منزله يسأله ويحمله إليه انتهى وهو كما ترى و مما يضحك من العقلاء ما نقله النيسابوري وغيره أن أهل تلك القرية لما سمعوا نزول هذه الآية استحيوا وأتوا إلى رسول الله يحمل من ذهب فقالوا : يا رسول الله نشتري بهذا الذهب أن تجعل الباء من أبوا تاء فأبى E وبعضهم يحكي وقوع هذه القصة في زمن علي كرم الله تعالى وجهه ولا أصل لشيء من ذلك وعلى فرض الصحة يعلم منه قلة عقول أهل القرية في الإسلام كما علم لؤمهم من القرآن والسنة من قبل فوجدا عطف كما قال السبكي على أتيا فيها جدار روي أنهما التجآ إليه حيث لم يجدا مأوى وكانت ليلتهما ليلة باردة وكان على شارع الطريق يريد أن ينقض أي يسقط وماضيه انقض على وزن انفعل نحو انجر والنون زائدة لأنه من قضضته بمعنى كسرته لكن لما كان المنكسر يتساقط قيل الأنقضاض السقوط والمشهور أنه السقوط بسرعة كانقضاض الكوكب والطير قال صاحب اللوامح : هو من الفضة وهي الحصى الصغار ومنه طعام قضض إذا كان فيه حصى فعلى هذا المعنى يريد أن يتفتت فيصير حصى انتهى .
وذكر أبو علي في الإيضاح أن وزنه أفعل من النقض كأحمر وقال السهيلي في الروض هو غلط وتحقيق ذلك في محله .
والنون على هذا أصلية والمراد من إرادة السقوط قربه من ذلك على سبيل المجاز المرسل بعلاقة تسبب إرادة السقوط لقربه أو على سبيل الاستعارة بأن يشبه قرب السقوط بالإرادة لما فيهما من الميل ويجوز أن يعتبر في الكلام استعارة مكنية وتخييلية وقد كثر في كلامهم إسناد ما يكون من أفعال العقلاء إلى غيرهم ومن ذلك قوله : يريد الرمح صدر أبي براء ويعدل عن دماء بني عقيل وقول حسان رضي الله تعالى عنه : إن دهرا يلف شملي بحمل لزمان يهم بالإحسان وقول الآخر : أبت الروادف والثدى لقمصها مس البطون وإن تمس ظهورا وقول أبي نؤاس : فاستنطق العود قد طال السكوت به لا ينطق اللهو حتى ينطق العود إلى ما لا يحصى كثرة حتى قيل : إن من له أدنى اطلاع على كلام العرب لا يحتاج إلى شاهد على هذا المطلب .
ونقل بعض أهل أصول الفقه عن أبي بكر محمد بن داود الأصبهاني أنه ينكر وقوع المجاز في القرآن فيؤول الآية بأن الضمير في يريد للخضر أو لموسى عليهما السلام وجوز أن يكون الفاعل لجدار وأن الله تعالى خلق فيه حياة وإرادة والكل تكلف وتعسف تغسل به بلاغة الكلام .
وقال أبو حيان : لعل النقل لا يصح عن الرجل وكيف يقول ذلك وهو أحد الأدباء الشعراء الفحول المجدين في النظم والنثر وقرأ أبي ينقض بضم الياء وفتح القاف والضاد مبنيا للمفعول وفي حرف عبد الله وقراءة الأعمش