وقد يقدر فعلا كقلنا أو نقول لا محل لجملته وجوز تعلق يوم السابق به على هذا التقدير دون تقدير الحالية .
قال الخفاجي لأنه يصير كغلام زيد ضاربا على أن ضاربا حال من زيدنا صبا لغلام ومثله تعقيد غير جائز لا لأن ذلك قبل الحشر وهذا بعده ولا لأن معمول الحال لا يتقدم عليها كما يتوهم ثم قال وأما ما أورد على تعلقه بالفعل في التقدير الثاني من أنه يلزم منه أن هذا القول هو المقصود أصالة فتخيل أغني عن الرد أنه لا محذور فيه اه والحق أن تعلقه بالقول المقدر حالا أو غيره مما لا يرتضيه الطبع السليم والذهن المستقيم ولا يكاد يجوز مثل هذا التركيب على تقدير الحالية وإن قلنا بجواز تقدم معمول الحال عليها فتدبر والمراد من مجيئهم إليه تعالى مجيئهم إلى حيث لا حكم لأحد غيره سبحانه من المعبودات الباطلة التي تزعم فيها عبدتها النفع والضر وغير ذلك نظير ما قالوا في قوله تعالى ملك يوم الدين كما خلقناكم نعت لمصدر محذوف أي مجيئا كائنا كمجيئكم عند خلقنا لكم أول مرة أو حال من الضمير المرفوع في جئتمونا أي كائنين كما خلقناكم أول مرة حفاة عراة غرلا أو ما معكم شيء مما تفتخرون به من الأموال والأنصار لقوله تعالى ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم .
وجوز أن يكون المراد أحياء كخلقتكم الاولى والكلام عليه إعرابا كما تقدم لكن يخالفه في وجه التشبيه وذاك كما قيل أوفق بما قبل وهذا بقوله تعالى بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا 48 وهو إضراب وانتقال من كلام إلى كلام كلاهما للتوبيخ والتقريع والموعد اسم زمان وأن مخففة من المثقلة فصل بينها وبين خبرها بحرف النفي لكونه جملة فعلية فعلها متصرف غير دعاء في ذلك يجب الفصل بأحد الفواصل المعلومة إلا فيما شذ والجعل إما بمعنى التصيير فالجار والمجرور مفعلوه الثاني و موعدا مفعلوه الأول وإما بمعنى الخلق والإيجاد فالجار والمجرور في موضع الحال من مفعوله وهو موعدا أي زعمتم في الدنيا أنه لن نجعل لكم وقتا ينجز فيه ما وعدنا من البعث وما يتبعه .
ووضع الكتاب عطف على عرضوا داخل تحت الأمور الهائلة التي أريد بذكر وقتها تحذير المشركين كما مر وإيراد صيغة الماضي للدلالة على التقرر والمراد من الكتاب كتب الأعمال فأل فيه للإستغراق ومن وضعه إما جعل كل كتاب في يد صاحبه اليمين أو الشمال وإما جعل كل في الميزان وجوز أن يكون المراد جعل الملائكة تلك الكتب في البين ليحاسبوا المكلفين بما فيها وعلى هذا يجوز أن يكون المراد بالكتاب كتابا واحدا بأن تجمع الملائكة عليهم السلام صحائف الأعمال كلها في كتاب وتضعه في البين للمحاسبة لكن لم أجد في ذلك أثرا نعم قال اللقاني في شرح قوله في جوهرة التوحيد ... وواجب أخذ العباد الصحفا ... كما من القرآن نصا عرفا ... .
جزم الغزالي بما قيل إن صحف العباد ينسخ ما في جميعها في صحيفة واحدة انتهى والظاهر أن جزم الغزالي وأضرابه بذلك لا يكون إلا عن أثر لأن مثله لا يقال من قبل الرأي كما هو الظاهر وقيل وضع الكتاب كناية عن إبراز محاسبة الخلق وسؤالهم فإنه إذا أريد محاسبة العمال جيء بالدفاتر ووضعت بين أيديهم ثم