ابن أبي حاتم عن الهيثم بن مالك الطائي أن رسول الله قال إن الرجل ليتكيء المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول منه ولا يمله يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه وأخرج ابن المنذر وجماعة عن ابن عباس أن على الأرائك فرشا منضودة في السماء مقدار فرسخ .
وقرأ ابن محيصن علرائك بنقل حركة الهمزة إلى لام التعريف وإدغام لام على فيها فيحذف ألف على لتوهم سكون لام التعريف ومثله قول الشاعر : .
فما أصبحت علرض نفسي برية .
يريد على الأرض .
نعم الثواب ذلك الذي وعدوا به من الجنة ونعيمها وحسنت أي الأرائك أو الجنات مرتفقا 13 متكئا وقد تقدم آنفا الكلام فيه واضرب لهم للمؤمنين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي والكفرة الذين طلبوا طردهم مثلا رجلين مفعولان لا ضرب ثانيهما أولهما لأنه المحتاج إلى التفصيل والبيان قاله بعضهم وقد مر تحقيق هذا المقام فتذكر والمراد بالرجلين إما رجلان مقدران على ما قيل وضرب المثل لا يقتضي وجودهما وإما رجلان موجودان وهو المعول عليه فقيل هما أخوان من بني إسرائيل أحدهما كافر اسمه فرطوس وقيل اسمه قطفير والآخر مؤمن اسمه يهوذا في قول ابن عباس .
وقال مقاتل : اسمه يمليخا وعن ابن عباس أنهما ابنا ملك من بني إسرائيل أنفق أحدهما ماله في سبيل الله تعالى وكفر الآخر واشتغل بزينة الدنيا وتنمية ماله وروي أنهما كانا حدادين كسبا مالا وروي أنهما ورثا من أبيهما ثماني آلاف دينار فتشاطراها فاشترى الكافر أرضا بألف فقال المؤمن : اللهم أنا أشتري منك أرضا في الجنة بألف فتصدق به ثم بنى أخوه دارا فقال : اللهم إني أشتري منك دارا في الجنة بألف فتصدق به ثم تزوج أخوه امرأة بألف فقال : اللهم إني جعلت ألفا صداقا للحور فتصدق به ثم اشترى أخوه خدما ومتاعا بألف فقال : اللهم إني أشتري منك الولدان المخلدين بألف فتصدق به ثم أصابته حاجة فجلس لأخيه على طريقه فمر به في حشمه فتعرض له فطرده ووبخه على التصدق بماله وقيل هما أخوان من بني مخزوم كافر هو الأسود بن الأسد والمؤمن هو أبو سلمة عبدالله بن عبد الأسد والمراد ضربهما مثلا للفريقين المؤمنين والكافرين لا من حيث أحوالهما المستفادة مما ذكر آنفا من أن المؤمنين في الآخرة كذا وللكافرين فيها كذا بل من حيث عصيان الكفرة مع تقلبهم في نعم الله تعالى وطاعة المؤمنين مع مكابدتهم مشاق الفقر أي اضرب لهم مثلا من حيثية العصيان مع النعمة والطاعة مع الفقر حال رجلين جعلنا لأحدهما وهو الكافر جنتين بستانين لم يتعين سبحانه مكانهما إذ لا يتعلق بتعيينه كبير فائدة .
وذكر إبراهيم بن القاسم الكاتب في كتابه عجائب البلاد أن بحيرة تينس كانت هاتين الجنتين فجرى ما جرى ففرقهما الله تعالى في ليلة واحدة وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يعلم منه قول آخر والجملة بتمامها تفسير للمثل فلا موضع لها من الإعراب ويجوز أن تكون في موضع الصفة لرجلين فموضعها النصب من أعناب من كروم متنوعة فالكلام على ما قيل إما على تقدير مضاف وأما الأعناب فيه مجاز عن الكروم وهي أشجار العنب والمفهوم من ظاهر كلام الراغب أن العنب مشترك بين الثمرة والكرم فعليه يراد الكروم من غير حاجة إلى